أنطونيو هيرنانديث بيريث – الأشجار

1-

أُمِّـي، كَانَـتِ الأَشْجَـارُ تَحْصِـي الْجُثَـث.

تَعِبَـتِ الأَشْجَـارُ مِـنَ الإِحْصَـاء.

رَأَتْ “لاَسْييـرَّا” الرِّجَـالَ

يَكْبُـرُونَ مِـنَ الظُّـلَيْل.

رأََتْهُـمْ يَمْصُـونَ نَحْـوَ إِشْرَاقَـةِ النَّهَـار،

رَأَتِ الأَبْطَـالَ يَقْتَحِمُـونَ صُخُـورَ الآلِهَـة.

سَمِعْـتُ الْبَنَـادِقَ

تَتَكَلَّـمُ لُغَـةً جَدِيـدَة.

وُلِـدَ الْبَطَـلُ فْـي التَّأَلُّـقِ شَهِيـدًا،

وُلِـدَ بِجَبِيـنٍ طَاهِـر.

ثُـمَّ بَنَـادِقَ أُخْـرَى

خَضَّبَـتْ بِالـدَّمِ الْبَاحَـات،

وَالأَرْصِفَـة،

كَـانَ الْقَصْـفُ عَنِيفـًا،

وَكَانَـتِ النَّوَافِـذُ الصَّدِئَـة

تَتَطَلَّـعُ إِلَـى عَاصِفَـةِ الـدَّم

كَانَـتِ السَّمَـاءُ تَمْضِـي خَرْسَـاء نَحْـوَ “لاَسْيِيـرَّا”

وَكَانَـتِ الأَشْجَـارُ تَحْصِـي الْجُثَـث،

تَعِبَـتِ الأَشْجَـارُ مِـنَ الإِحْصَـاء.

2-

مِـنْ ظُلُمَـاتٍ،

مِـنْ دَمٍ،

مِـنْ طِيـنٍ…

كَانَـتْ، يا أُمِّـي، قَوَالِـبَ الآلِهَـةِ مَصْنُوعَـة،

ظُلُمَـاتٌ فِـي أَشْكَـالٍ مُتَمَوِّجَـةٍ،

حَيَوَانَـاتٌ ذَاتُ غَرَائِـزَ نَهِمَـة،

طِيـنٌ يَتَكَسَّـرُ بِطَرِيقَـةٍ مُبْتَذَلَـة.

يَهْتَـزُّ إِفْرِيـزُ الزَّمَـنِ

بَيْـنَ دِمَـاءٍ مُتَخَثِّـرَة،

وَالآلِهَـةُ ظَمْآنَـةٌ لِلـدَّم

دَوْمـًا، يَا أُمّـي،

تَعِيـشُ الآلِهَـةُ فِـي لَيْلِهَـا الطَّوِيـل.

لاَ يَسْتَطِيـعُ الْحَبِيـبُ اجْتِيَـازَ تُخُومِـه،

وَلاَ الْحَـوَارِيُّ أَنْ يَفْتَـحَ قَلْبَـه،

دُونَ أَنْ يَلْقَـى حَـدَّ السَّيْـف.

فِـي كُـلِّ الأَوْقَـاتِ

تَظْمَـأُ الآلِهَـةُ لٍلـدَّم.

3-

أَشْعَلَـتْ تِلْـكَ الأَشْجَـارُ الْغَابَـة،

غَيَّـرَتِ الْمَشْهَـد،

جَعَلَـتِ الْحَيَـاةَ تَكْبُـر

كَبُـرَتِ الْحِجَـارَة

وَتَكَاثَـرَتْ جُـرُفُ الْجِبَـالِ الثَّلْجِيَّـة.

رَأَتْ “لاَسْيِيـرَّا”

نَهْـرَ أَوْرَاقٍ خَضْـرَاءَ يَكْبُـر

فَاتِحـًا فِـي السَّهْـلِ صَوْتَـهُ الْعَرِيـض.

وَرَأَتْ أَبْـرَاجَ الآلِهَـةِ تَتَكَسَّـر

مَسْحُوقَـةً تَحْـتَ أَقْـدَامِ الإِنْسَـان.

—————–

* القصيدة من ديوان يحمل نفس الاسم، صدر بهافاناHabanaبكوبا1975، عن المعهد الكوبي للكتاب

*

ترجمة: عبدالسلام مصباح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى