الحبكة المخصصة للولد الوحيد – ميثم راضي

1- تلعثم

تحاول الكلام..
مثل طفل لم يعرف نارًا أكبر من عود ثقاب.
وعليه الآن..
أن يصف غابة كاملة تحترق.

2- الانتظار عند المصبّات

حدّادٌ غامض..
يطرق حديدة الأيام على شكل سمكة ثم يرميها في النبع
أنا وأهلي كنّا عند المصبات،
نحاول اصطيادها..
مُرددين أغنيات قصيرة، وحزينة جدًا، عن الحياة
وواقفين في قوارب تبدو من بعيد وكأنها ابتسامة خفيفة على وجه الماء.

3- حيلة قديمة.

كان جدي يجفف السنوات السعيدة
ليستخدمها في غير مواسمها.

4- النعاس في مجرة أخرى.

أعرفُ ولدًا
هو الآن رجل مجنون
عندما كنّا صغارًا وجدنا خرزة على الأرض
قال: هذه الخرزة سقطت من الله.. تعال لنعيدها له
لا بدّ أنه يحتاجها ليصنع منها كوكبًا بعيدًا
وبقينا نرميها نحو السماء لمدة ثلاثة أيام.. ثم عدتُ أنا للبيت
وظل هو في العراء للأبد
كما الآن..
ألمحه أحيانًا، وسخًا ومتعبًا من الناس..
يخرج الخرزة من جيبه ويحدق بها.. ثم يستلقي على أي رصيف
وينام في مجرة أخرى

5- المصادفة المستمرة

في إحدى الحروب التي كنتُ فيها لم أزل صغيرًا..
كنتُ مولعًا بالعدّ
ومرة عاد أبي من القتال، فاكتشفت بأن عدد ثقوب جزمته العسكرية كان مساويًا لعمري وقتها
ولقد انتهت الحرب، وكبرت أنا
لكنني لم أزل مولعًا بالعدّ
وعمري الآن بالضبط بعدد ثقوب جزمات سرية كاملة من الجنود الذين يذهبون لحرب جديدة.

6- مساوئ العد على الأصابع

في مدرسة بعيدة..
وفي الصف الأول الابتدائي، طفل لم يعر فالعدد الذي يأتي بعد الخمسة
قال للمعلمة: أبي لم يعلمني أرقامًا أكثر من الخمسة لأنه عاد لنا بذراع واحدة
في غرفة المديرة
صرخت المعلمة: لم يعد الحساب ممكنًا في هذه الحرب التي تأخذ الستة من الآباء.

7- وردة.

كان للقنفذين بنت اسمها وردة
وكان ينمو على ساقها الشوك، كوصايا الوالدين
ويخطر ببالها العقوق على شكل مزهريات.

8- الحبكة المخصصة للولد الوحيد.

كان من المفروض أن ينجب أبي أولادًا أكثر..
ولكنه لم يفعل
وتركني وحدي في هذا العالم وذهب
مرةً، رسمت أخي على سبورة المدرسة.. وتشاجرنا مع كل أولك الصغر الذين كانوا يضايقونني..
رجعت أنا للبيت بكدمة على وجهي وظل هو ممددًا على السبورة بعد أن قاموا بمحو قدميه..
شرحت لأمي ما حدث
قالت: غدًا سيكتب لكم المعلم على السبورة تمرينًا.. إذا عرفت الحل سينهض أخوك
وهكذا صدقتها.. ونجحت.. نجحت كثيرًا
ونسيت أخي.. نسيت أنني وحدي في هذا العالم
وصار عندي أولاد وبنات
كلما ضايقهم أحد.. كتبت لهم تمرينًا.

9- تقمص

عندما ينتهي كل شيء
هل سيصنعون فلمًا عنّا بعد خمسين سنة؟
فلمًا، مثل إنقاذ الجندي رايان..
حيث تمتل الشاشة بالجثث
ويسألنا أحفادنا: كيف نجوتم من كل هذا؟
ونقول لهم: مثل هذه الجثث في الفلم
كنا نقوم بعد أن ينتهي التصوير ونهب إلى بيوتنا..
فقط أن الكثيرين منّا عاشوا الدور للأبد.

10- صهيل الدراجات العربية الأصيلة.

مرة رأيت: دراجة هوائية ملطخة بالدماء..
نهضت لوحدها: مثل فرس أصيلة
ثم بدأت تبحث خلال الدخان والأشلاء
عن الولد الصغير الذي كان يركبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى