روضة الحاج – في موسم المد جزر جديد

اليومَ أوقنُ أنني لن أحتملْ !!

اليومَ أوقنُ أنَّ هذا القلبَ مثقوبٌ ومجروحٌ ومهزومٌ

وأن الصبرَ كَلْ …

وتلوحُ لجةُ حزني المقهورَ .. تكشفُ سوقَها كلُّ الجراحِ وتستهلْ

هذا أوانُ البوحِ يا كلَّ الجراحِ تبرجي

ودعي البكاءَ يجيبُ كيفَ ومَا وهَلْ

زمنًا تجنبتُ التقاءك خيفةً .. فأتيت في زمنِ الوجلْ

خبأتُ نبضَ القلبِ

كم قاومتُ

كم كابرتُ

كم قررتُ

ثم نكصتُ عن عهدي .. أجلْ

ومنعتُ وجهك في ربوع مدينتي .. علَّقتُه

وكتبتُ محظورًا على كلِّ المشارفِ .. والموانئ .. والمطاراتِ البعيدة كلها

لكنَّه رَغمى أطلْ ..

في الدُورِ لاحَ وفى الوجوه وفى الحضورِ وفى الغياب وبين إيماضِ المُقَلْ

حاصرتني بملامحِ الوجه الطفوليِّ .. الرَّجُلْ

أجبرتني حتى تَخِذتُك مُعجمًا

فتحولت كلُّ القصائدِ غير قولك فجةٌ

لا تُحتَمَلْ ..

صادرتنى حتى جعلتُك مَعلَمًا فبغيرهِ لا أستدِلْ

والآنَ يا كلَّ الذين أحبهم

عمدًا أراكَ تقودني في القفرِ والطرق الخواء

وترصدًا تغتالني .. انظر لكفِّكَ ما جنت

وامسح على ثوبي الدماء

أنا كم أخافُ عليك من لون الدماء !

لو كنت تعرف كيف ترهقني الجراحاتُ القديمة والجديدة

ربما أشفقتَ من هذا العناء ..

لو كنتَ تعرف أنني من أوجه الغادين والآتين أسترقُ التبسم

أستعيدُ توازني قسرًا ..

أضمُّكَ حينما ألقاكَ في زمن البكاء

لو كنتَ تعرفُ أنني أحتالُ للأحزان … أرجِئُها لديك

وأُسكِتُ الأشجانَ حيث تجئ .. أخنق عبرتي بيدي

ما كلفتني هذا الشقاء!!

ولربما استحييتَ لو أدركتَ كم أكبو على طول الطريق إليك

كم ألقى من الرهِق المذلِّ، مِنَ العَيَاء ..

ولرُبَّمَا .. ولرُبَّمَا .. ولرُبَّمَا

خطئي أنا

أنِّى نسيتُ معالم الطرقِ التي لا أنتهى فيها إليك

خطئي أنا

أني لك استنفرتُ ما في القلبِ ما في الروح منذ طفولتي

وجعلتُها وقفًا عليك ..

خطئي أنا

أنى على لا شئ قد وقعتُ لك .. فكتبت

أنتَ طفولتي .. ومعارفي .. وقصائدي

وجميعَ أيامي لديك

واليوم دعنا نتفق

أنا قد تعبت ..

ولم يعد في القلب ما يكفى الجراح

أنفقت كل الصبر عندك .. والتجلد والتجمل والسماح

أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئا إذ ظننتك آخر التطواف في الدنيا

فسرحت المراكب كلها .. وقصصت عن قلبي الجناح

أنا لم اعد أقوى وموعدنا الذي قد كان راح

فاردد إليّ بضاعتي ..

بغي انصرافك لم يزل يدمى جبين تكبري زيفا

يجرعني المرارة والنواح

اليوم دعنا نتفق

لا فرق عندك إن بقيتُ وإن مضيت!

لا فرق عندك إن ضحكنا هكذا – كذبًا –

وإن وحدي بكيت!

فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت

وأنا هجرت مدينتي وإليك – يا بعضي – أتيت

وأنا اعتزلت الناس والدنيا

فما أنفقت لي من أجل أن نبقى؟!!

وماذا قد جنيت ؟؟!!

وأنا وهبتك مهجتي جهرًا

فهل سرًا نويت؟؟!!!

اليوم دعنا نتفق

دعني أوقع عنك ميثاق الرحيل

مرني بشيء مستحيل

قل لي شروطك كلها .. إلا التي فيها قضيت

إن قلت أو إن لم تقل

أنا قد مضيت … !!!

نص: روضة الحاج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى