غرفة نوم امرأة عزباء (من الشعر الصيني) – يي لِيّ – ترجمة: يارا المصري

سحرُ المرآة

خَمِّن مَن أعرف

إنها واحدة، إنها عدة

تظهرُ في كلِّ وِجهةٍ فجأة

وتختفي في لمحِ البصر

نظراتُها مُصوبةٌ إلى الأمام

لا يبدو عليها أثرُ السعادة

تناجي نفسها، ليس لها صوت

جسدُها قويٌّ رشيقٌّ، لكنه ليسَ دافئاً

هي مُجسَّمةٌ، ومُسطَّحة

أيُّ شيءٍ تمنحه لكَ لا يمكنك قبوله

ليس بوسعها أن تكون مُلك أي شخص

هي أنا في المرآة

هذا العالمُ مقسومٌ بكاملِه على اثنين

ولم يتبقَ إلا الأعداد الفردية

مُفردٌ مستقلٌ حر

كيانٌ روحانيٌّ مبدع

هي أنا في المرآة

مرآتي المؤطرةُ بالخشبِ موضوعةٌ عندَ قائمِ السرير

تفعلُ هذا السحر مئةَ مرةٍ في اليوم.

لكنَّكَ لا تأتي وتعيش معي.

الحمَّامُ التركي

ثمة الكثيرُ من الرسوماتِ العاريةِ في هذه الغرفةِ الصغيرة

دفعَ رجلٌ البابَ صدفة

وهتف “الحمَّامُ التركي”

وهو لا يعلمُ أنَّني أوصدُ البابَ في الصيف

وأنَّني زبونةٌ معروفةٌ في هذا الحمَّام

أنظرُ إلى صورتي في المرآة وأُعجبُ بها:

يدان وساقان طويلة، جسدٌ ممشوق

ردفان مشدودان، كتفان متهدلان

نهدان مدوَّران يهتزَّان بخفة

كلُّ جزءٍ فيَّ مُفعمٌ بالعاطفة

أنا موديلي الخاص

لقد خلقتُ الفن، وخلقني الفن

على السرير كومةٌ من ألبوماتِ الصور

جواربي وسروالي الداخلي على الطاولة

زهورُ الياسمين الشتوي ذابلةٌ في القنِّينة

على الأرض انتشرَ لونٌ أصفر باهت

الوسائدُ ومساندُ الظَّهر مُلقاةٌ في الأرجاء

بوسعك أن تنام نوماً عميقاً في كلِّ زاوية

لكنَّكَ لا تأتي وتعيش معي.

سرُّ الستارة

أُسدلُ الستائرَ دائماً في النهار

لأتخيَّلَ الشَّرَ تحت الشمس

أو لأدخلَ مملكةَ المشاعر

يغمرني شعورٌ بالأمانِ لا مثيل له

يغمرني شعورٌ لا مثيلَ له بالحرية

بعدها يخرجُ الإلهامُ من مكمنِه كالأطياف

أنسجمُ مع الأطيافِ لأصلَ إلى النشوة

فيولدُ طفلٌ في الحال

أنا شديدةُ الذكاء

إذا كنتُ بحاجةٍ إلى السعادةِ أُسدلُ الستائر

فيتحولُ الألمُ إلى متعة

إذا فكرتُ في الانتحار أُسدلُ الستائر

فيتدفقُ التوقُ إلى الحياة

حين أُسدلُ الستائر

أسمعُ سيمفونية

ويملأُ الحبُّ الزوايا

لكنَّكَ لا تأتي وتعيش معي.

بورتريه ذاتي

أكونُ قبيحةً في كلِّ الصور

وفي البورتريه الذاتي أعبِّرُ عمَّا أطمحُ إليه

أمزجُ اثني عشرَ لوناً

وأسميه اللون (بي)

أكثرُ ما أحبُّ هو تصفيفةُ الشعرِ الغامضة

وقصة جبين منفوشة مثل ابنة أخي

أرسمُ على الوجهِ حاجبين فقط

وأتمنى ألَّا أشيخَ أبداً كهذين الحاجبين

الحاجبُ عظيمٌ مُفعمٌ بالحكمة

لا يظنُّ أنَّ ثمة ما هو صحيحٌ وما هو خاطئ

ليس ذا كبرياءٍ، ليس مَخْزاة

ليس عفيفاً، ليس ماجناً

ليس حيَّاً، ليس ميتاً

علَّقتُ البورتريه على السورِ المنخفض

لأرى كلَّ يومٍ معبودي الوحيد

لكنَّكَ لا تأتي وتعيش معي.

حفلةٌ صغيرة

ثمة مفرشٌ ملوَّنٌ بُسِطَ على الطاولة

وضوءُ المصباحِ الباهتُ يغمرُ الجبينَ المُضبَّب

رشفتُ رشفةً من النبيذِ الأحمر

كنتُ أرقصُ مع عدةِ أصدقاءٍ قُدامى

رقصنا كفتياتٍ وصبيةٍ في قاعةِ رقص

لم نبتسم، بل كنا صامتين

بدونا دائخينَ وسُكارى

وقتُ المرأةِ العزباءِ كقطعةِ لحمِ خنزير

لكن لا يمكنك أن تُقطِّعَه وتأكلَه

تلوتُ تعويذةً خِلسة

كي ينخلعَ كعبُ الحذاءِ العالي

آه! هذا العالمُ لا أنتمي إليه

بدا وكأنَّني وُلدتُ منذ قرن

وجهي مُتفسخٌ، قدماي مُتغضِّنتان

لا سمعةٌ طيبةٌ للمرأةِ العزباءِ

فقط لأنها لا تظلُّ شابةً كما كانت

لكنَّكَ لا تأتي وتعيش معي.


*نص: يي لِيّ
*ترجمة: يارا المصري

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى