غريغوري كورسو – القنبلة

أيتها الكانسة للتاريخ

أيتها المحطمة لأغلال الزمن

أنتِ أيتها القنبلة

لعبة الوجود،

الأكبر من كل السماوات المنشولة

أنا لا أستطيع أن أكرهك

هل أكره الرعد المؤذي اللعوب؟

هل أكره فك الحمار المتشظي؟

النادي المتخبط لمليون إنسان قبل الميلاد؟

الصولجان؟

منجل الحنطة في الحقول؟

محور منجنيق دافنشي؟

فؤوس المعارك عند الهنود الحمر ؟

أيتها البندقية القديمة،

المصوّنة بجلد الماعز.

أيها الخنجر المصنوع من عظام الثيران!

آه، والبندقية اليائسة الحزينة

؟

أيتها القنبلة،

هل أنت بمثل قسوة الانسان صانعك؟

أولست أقل قسوة من السرطان؟

كل الناس يكرهونك!

ربما يفضلون الموت في سيارة متدهورة

أو تحت برق صاعقة

أو غرقاً في الماء

سقوطاً من أعلى طابق

جلوساً على المقعد الكهربائي

إصابةً بنوبة قلبية

أو بشيخوخة مميتة

نعم، بشيخوخة مميتة

أيتها القنبلة،

ربما يفضلون الموت بأي شيء، إلا بكِ

الموت موجود في كل مكان،

منذ أن وزّع علينا زرقته المُطلَقَة،

أنا أغني لكِ أيتها القنبلة،

أيتها المتطرفة المبذارة في تبذير الموت

يا يوبيل الموت،

يا جرثومة زرقة الموت الأعلى،

ها هو المحلق طائراً، سيهوي محطماً

وسيختلف موته، عن موت متسلق الجبال،

الذي عنها سيهوي،

أن نموتَ ملسوعين بثعبان الكوبرا

ليس كما نموت بطعام خنزير فاسد!

بعضهم يموت غرقاً في المستنقعات

أو في البحار

بعضهم يموت على يد رجل أشعث الشعر في سواد الليل

هناك موت كالذي أصاب ساحرات

هناك موت مرعب كالذي أصاب

وموت بلا إحساس، كالموت عند الولادة

احتضار بلا حزن كوجع العجوز موت مهجور

موت رسمي كالذي يصيب

وموت غير متوقع كالذي أصاب

وأصاب فتيات ينمن فوق أغطية شعبية رائجة

أنا لا أعرف كم رهيب هو، موت القنبلة،

أستطيع فقط، ان أتخيل الأمر،

لا موت آخر أعرفه،

له مثل هذا التقديم الاستهلالي المضحك

الآن، أسرح نظري،

ثمة مدينة، مدينة نيويورك

تتدفق بالجداول، مقفلة نجومها،

ثمة مأوى في شارع جانبي،

إصابات مسجلة، وإصابات مسجلة،

تتحسس الانسانية بارتباك ضائع

القبعات مقلوبة على أعقابها

شبان ينسون أمشاطهم

سيدات لا يعرفن ما ينبغي

بحقائب مشترياتهن

ثمة بنادق ورشاشات أوتوماتيكية

مشوشٌ مداها،

على الرغم من خطورة سكة الحديد رقم 3 ملصق المبتسم، يبتسم دائما

الموت الشيطاني، قنبلة في دبرِ السنطور

موت القنبلة،

تنفجر السلاحف العملاقة عند شواطئ اسطنبول

تتوثب قدم نمر ، لتقفز بعيدا،

من أجل ان تهوي فورا،

فوق ثلج القطب المتجمد الجنوبي

البطريق يغطس خائفا من وجه أبي الهول

قمة مبنى

مشار إليها بسهم،

في ملعب في .

برج مرموز إليه بحرف C

في حدائق

أبراجُ

منحنية مقشرة فوق السودان

أيها الموت الرياضي، أيتها القنبلة الرياضية التي تمسك بالآثار الكبرى

لمعابد الأزمنة القديمة،

الكتروناتٌ، بروتوناتٌ، نيوتروناتْ،

جامعةً خصلات الشعر الغربي

سائرة عبر الخليج الكئيب في

ملتحقة بركاب قباطنة السفن الرخاميين

داخلة إلى آخر المدرّج الحجري المسرحي

بمشاعر الترتيل لجميع الطرواديين

حاملة مشاعل الترحيب في قبرص

تُطلق سباق البواسل الأشراف مع الرايات

وما زالت تتلو أشعار هوميروس بخطوات شاكرة

LO فريق الحاضر الزائر، الموهوم

فريق البيت الزائل، المهدوم

الأغاني تعانق الأبواق:

إسمعوا نداء صودا النقانق بعصير الزيتون!

مجرّة مربوطة ببعضها،

متناسقة أثوابها

الحضور البليوني المحدّق بجميع الأزمنة.

الفردوس المفقود لرب الآلهة .

يتفرج على سباق .

بوذا يرمي كرة البيسبول!

المسيح يضرب ويشتم هاجماً!

لوثر يسرق للمرة الثالثة!

موت الكواكب، قنبلة هوسانا

أيتها القنبلة الربيعية،

انفجري بالوردة الأخيرة،

تعالي بردائك الديناميتي الأخضر

لا تهددي عين الطبيعة السليمة

أمامك الماضي المتجعد الغضون

وراءك المستقبل المرحب المفتون

أيتها القنبلة، حقلك الكون،

سياجُك المشجّرُ الجغرافيا

أيتها القنبلة القافزة الوثابة،

أيتها القنبلة المكبلة،

أيتها العابثة

النجوم سرب نحل،

في محفظتكِ الطنّانة

اغرسي زوايا إقليدس

في قدميكِ اليوبيليتين

مراوح ضوء القمر،

فوق مقعدكِ السريري

أنتِ السبب، وانتبهي،

أنتِ السبب

والسماوات، معكِ،

أيتها القنبلة،

انشري رشاقتك المتعددة

قدّمي لنا مفكرتك المؤلمة

عن النجوم الفاسدة، والكواكب الميّتة

والعناصر الذبيحة،

كفّني الكون،

استنزفي طوفانات غيلان الفضاء

وسجّيها في رحمك المستأنف دعاويه

وشكاويه

أيتها القنبلة،

العازفة على مزمار (14159265،3) النهائي

في شمس مستديرة، وطيران نار

لقد هجر الله عريَهُ الساخر

خلف رقصكِ الفالسي الهتاك

انه لا يستطيع أن يسمع مزماركِ المبتهج

بيوم التدنيس والتجديف

تحت كوابيسه النحيلة المزيفة الأصباغ

إنه يسقط كالأطرش نحو صمت أذنيه

المثقوبتين

مملكته خلود من شمع فجّ غير مصقول

الأبواق فوق القباقيب الراقصة

توقفت عن العزف لله،

الملائكة المبحرون، لا يغنون لله،

إنه إله بلا رعد، إله ميت،

انفجارك، أيتها القنبلة، تابوته

الذي أنحني أنا عليه،

فوق طاولة العلوم،

فلكيٌ أنا،

مبللٌ بكلام من فم تنين،

نصف فاهم لمعنى الحروب،

وللقنابل، وخصوصاً للقنابل،

لعجزي عن كره ما ينبغي أن أحب،

ولعدم قدرتي على التواجد

في عالم يسبل جفنيه ساكتاً

عن طفل يموت في حديقة

عن رجل يموت في مقعد كهربائي

أنا عاجز عن الضحك من أي شيء،

لعدم قدرتي على التمييز:

بين ما أعرف وما لا أعرف

ومن أجل ان أكتم آلامي، وأن أقول:

أنا شاعر، وبالتالي،

ينبغي أن أحب جميع الناس

عارفاً أن كلماتي هي النبوءة المكتسبة

لكل الناس،

وأن ما خلف كلماتي،

ليس أقل ا_تساباً، بكثير

رجل أنا، يطارد الأكاذيب الكبيرة

للذهب،

أو شاعر أنا، يجول في رماد وهّاج،

أو نفسٌ أنا، أتخيلها كما ينبغي أن تكون

أنام مسنّناً بأسنان سمكة القرش

رجلاً يلتهم الأحلام

بالتالي، أنا لا أحتاج أبداً

لأن أفهم جيداً معنى القنابل

سعيدٌ أنا هكذا،

إذا شعرتُ أن القنابل

كالجرافات على الديزل

فلن أشك بعدئذٍ

بأنها ستتحول إلى فراشات

هناك جحيم لكل القنابل

إنها هناك. أراها هناك

تجلس على دفعات

وتغني الأغنيات

أغنيات ألمانية بأغلبها

وأغنيات أميركية طويلة جداً

إنها تتمنى سماع أغنيات أخرى

أغنيات روسية وصينية

ومزيد من الأغنيات الأميركية الطويلة

أيتها القنبلة الصغيرة

التي سوف لن تكون: أبداً

أغنية إسكيمو.

أنا أحبك! أتمنى أن أعلق أقراطاً

في شفتيكِ النهومتين!

أيتها القنبلة!

التي تتشارك في صنعها بقلق

كل الأشياء المحببة:

الأخلاقية، والفيزيائية

أيتها المرأة الحديدية الخرافية

المقطوفة من أكبر شجرة للكون،

يا قطعة السماء التي تتولد منها الجبال،

وأشعة الشمس،

أنا واقف أمام بابكِ الليلكي الساحر،

أحمل لكِ زهور

وعطر

ومساحيق التجميل المحبوبة

من بنات السماء

استقبليني،

لا تغلقي بابك المفتوح،

ولا تخافني، من ذكريات رمادية

باردة أشباحها،

ولا تخافي من القوّادين والدهاقنة

للمناخ المجهول،

ولا من فضاء الذوبان

لثلوجهم العاتية

ما زال جالساً

في الجيب الأسود للضياء

ناشف وجاف

في موت الموزامبيق

ولسان الأسطوري

إكليل زهر منتوف

يتدلى على رأس قمر رخوي

دعيني أدخل، أيتها القنبلة،

من بابك المفتوح،

دعيني أنهض،

من قلب زاوية فأرة حبلى

ولا تخافي،

من أمم الدنيا الناهضة بأعراسها،

أيتها القنبلة، أنا أحبك،

أريد أن ألثم قعقعتكِ وصليلكِ،

أريد أن آكل دويّكِ،

أنتِ أنشودةُ التسبيح،

والشكر،

والانتصار،

ذروةُ الصراخ،

قبّعةٌ غنائية للسيد الرعد

رددي صدى حفيف ركبتيكِ الحديديتين

بوم بوم بوم بوم

بوم السماوات وبوم الشموس

بوم بوم الأقمار وبوم النجوم

الليالي والأيام بوم

الرياح بوم بوم، ويا غيوم، ويا أمطار

انفجري أيتها البحيرات،

انفجري أيتها المحيطات،

بوم، بوم،

بوم،

أورانغ أوتانغ، بينغ بانغ بوم،

احتمل احتمل أيها القرد البابون،

يابانغ، يابونغ، يابنغ،

الذيل، الريش، الجناح

نعم، نعم،

إلى قلب هذه المعمعة،

سوف تسقط قنبلة،

سوف تتقافز الأزهار،

مبتهجة،

بجذورها التي تحولت،

إلى رماد،

سوف تركع الحقول،

فخورة،

تحت هللويات الرياح،

سوف تتفتح قنابل القرنفل

سوف تمد آذانها

قنابل الأيائل،

كثيرة هي القنابل،

سوف يروّعُ النهار العصفور

بنظرة لطيفة،

لكنه،

غير كافٍ أن نقول:

سوف تسقط قنبلة

وغير كافٍ أن تتعبد الأرض

كمريم العذراء

للقنبلة

وغير كاف أن نقول:

مزيد من القنابل سوف تولد

في قلوب مزيد من الرجال

سوف يولدون،

القنابل المتبرجة بالفخامة، متدثرة بفراء القاقوم،

جميلةٌ كلها،

جالسة تماماً،

برنينها الدولاري الطنان،

فوق إمبراطوريات الأرض،

الكثيرة التشكي والتظلم،

متهدجة بالغضبْ

الذي شواربهُ من ذهَبْ!

*

ترجمة: صفوان حيدر

*

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى