فرناندو بيسوا – مختارات

(1)

كمراكب فوق اليمّ

هي أغاني البرتغاليين

ترحل من روح إلى أخرى

تخاطر بالغرق.

(2)

نظمت كل لآلئ

هذا العقد لأهديه إليك.

اللآلئ قلبي

والخيط? حزني.

(3)

الأرض بلا حياة. لا

شيء آخر يحيا سوى القلب

تلفك الأرض الباردة

لا حنيني.

(4)

دعيني لهنيهة أعتقد

أنك لا تزالين قربي.

حزين ذاك الذي يظن

أنه بحاجة ليخدع نفسه بنفسه.

(5)

ميتا، سأبقى إلى جانبك

بدون أن أعرف شيئا، بأن أحس بشيء…

يكفيني هذا الأمر

لكي يكون للموت فضل.

(6)

لا أعرف أن كانت الروح تحيا في الماوراء

إن متّ – رغبت في الموت.

لأنني لو حييت، لرغبت في رؤيتك. وإلا

لن أستطيع نسيانك إلا بالموت.

(7)

بلى، هواء البارحة كان أتعس

على بابك مرّ أيضا

اسمعي: يحمل تنهيدة

تعرفين جيدا من أرسلها لك.

(8)

أعطيتك قلبي

أنظري كيف عاملته!

لم تعيديه لي بعد

ربما – لأنه تحطم.

(9)

العلبة التي من دون غطاء

تبقى دائما مفتوحة

أعطني واحدة من ابتسامتك

لا أتمنى شيئا آخر.

(10)

انتظرتك ساعتين.

سأنتظرك سنتين.

هل أنتظر بعد؟ لا تجيئين.

هل لأن النهار لا يزال مشرقا؟

(11)

طيلة الليل، سمعت المياه في الحوض

تنزل نقطة نقطة.

طيلة الليل، سمعت في روحي:

لا تستطيعين أن تحبيني.

(12)

النهارات هي النهارات. الليالي

هي الليالي. لا أنام أبدا…

لأني لا أراك نهارا،

لأني أفكر فيك ليلا.

(13)

تحملين زهرة في يدك

قطفتها بلا انتباه…

لكن هل قطفت

قلبي بانتباه؟

(14)

عيناك حزينتان، تائهتان،

لا تركنان إلى شيء…

آه يا حبي، يا حبي

على الأقل لو كنت هذا اللاشيء!

(15)

بعد النهار يأتي الليل،

بعد الليل يأتي النهار

وبعد الحنين يأتي

الحنين المستبد بنا.

(16)

أيستحق الأمر أن أكون رزينا؟

لا أعرف أن كان يستحق العناء.

الأفضل أن أبقى ساكنا.

أن أنظر إلى وجه مطمئن.

(17)

ترتدين خفين،

يضربان الأرض بنعليهما.

الأجدر أن أموت، قبل

أن لا أسمعهما مجددا.

(18)

تديرين رأسك لتسألي

تبدأ أقراطك بالرقص

مثل سنونوتين مملتين

لا تعرفان الطيران بعد.

(19)

تحملين زهرة في يدك

لا أعرف أن كنت ستعطيني إيّاها.

أما الزهور التي على وجهك

فتعرفين كيف تحتفظين بها.

(20)

آه، أيتها الشابة الشقراء،

آه، أيتها الشقراء الشابة،

قولي للذي يراك?هنا

انك ما زلت صغيرة جدا.

(21)

لك، كتاب لا تقرأنيه،

لك، زهرة تفرطين أوراقها،

لك، قلب على قدميك

لا تنظرين إليه أبدا.

(22)

لم تقولي أبدا إن أحببت

ما لم أقله لك.

أعرف جيدا أنك تكهنت بذلك.

لا أعرف ما كنت تفكرين به.

(23)

ملكت زهرة لأهديها

للتي لم أجرؤ على أن أقول

لها أنني أرغب في محادثتها.

ذبلت الزهرة للتو.

(24)

حينما تنظرين إلى الوراء

لا أعتقدن أن ذك من أجلي.

لكنك تنظرين، تنظرين

وهذا أفضل.

(25)

كل يوم أفكر

بهذه الحركة المقدامة:

تلتقطين الوشاح

المهمل، بالقرب من هنا.

(26)

أسمعك تنشدين من النهار

من الليل أسمعك تنشدين.

واحسرتاه عليّ، إن كان من الفرح!

واحسرتاه عليّ، إن كان من الكرب!

(27)

الحبق الذي يشترى، ليس

أفضل من الذي نهبه.

دع الحبق جانبا

وأعطيني قلبك.

(28)

الزهرة التي تقطف

لا تحيا طويلا.

لا أحد ينظر إليك

لا يرغب في قطفك.

(29)

أيتها السنونوة التي تمرين

من ينتظرك؟

وحيد من يراك تمرين

ويجدد ثقته بالغد.

(30)

لديك مشط أسباني

في شعرك البرتغالي

وحين تلفك الشمس

تكونين مثلما خلقك الله.

(31)

رجوتك مرتين

وعرفت ذلك لمرتين.

في النهاية أجبت

عن الذي لم أسألك عنه.

(32)

لا أعرف بما تفكرين

عندما تحكين بطمأنينة…

ربما بهذه الإهانات

التي تصنعينها بصمتك.

(33)

النوارس، أيضا وأيضا،

تطير من النهر إلى البحر…

تسحرين من دون أن تقصدي?

إذ ليس ضروريا أن تطيري.

(34)

من جرة فخارية

نشرب مياها أعذب.

الحزين لا ينام.

يسهر ليجد الفرح.

(35)

ثمة حقائق تقال

وأخرى لا يقولها أحد.

لدي شيء أقوله لك

لكنني أضعته.

(36)

غيمة في السماء تشبه

كل ما نحبه

لو أنك، على الأقل، تعطيني

ما لا يتعذر إعطاءه.

(37)

ترحل عاليا الغيمة التي تمر.

عاليا يرحل فكري.

إنها أسيرة رجائك

كما الغيمة أسيرة الريح.

(38)

يا مريم، حين أناديك

تعالي إلى هنا، يا مريم، قولي

انك لا تستطيعين المجيء.

هكذا أستطيع أن أراك.

(39)

أشعلت شمعة

في هذا الهواء الذي أعطاك إياه الرب.

لم يعد من ليل فوق القرية

ولا في السماوات، أيضا.

(40)

عندي كتاب صغير أكتب

فيه حين أنساك

كتاب ذو غلاف أسود

لم أخط فيه كلمة بعد.

(41)

الحياة هي أشياء قليلة أحيانا

الحب، حياة نحملها،

أنظري في الاتجاهين

لا أحد يأتي ويكلمني.

(42)

بخفة يذهب الأثير، بخفة

يتمرد كي ينام.

باختصار يذهب الأثير، باختصار

يعلمنا النسيان.

(43)

أيتها الغيمة، العالية، أيتها الغيمة

لم تذهبين بعيدا جدا؟

إن كنت تملكين الحب الذي ينقصني

انزلي قليلا، قليلا بعد.

(44)

الغيمة التي تمر في السماء

تسأل الذي لا يسأل شيئا

إن كان من المفيد أن نقول لمن أعطى:

“ما أعطيته، لن أعطيك لك”.

(45)

أيها الجدول الصغير، أيها الجدول الصغير

من يركض بسهولة

ستركض وحدك

أيها الجدول الصغير، مثلي أنا.

(46)

في النهاية،

كذب كل ما تقولينه

لا يجعلني سعيدا

ومع ذلك، سعادة أن تتكلمي.

(47)

ابتسمي لي ابتسامة الأحد

لأتذكرها يوم الاثنين.

تعرفين ذلك: أنا خلفك دائما،

ليس ضروريا أن تذهبي.

(48)

أرتدي ثيابا جميلة

أضع حذائي

وأذهب بين الناس

للبحث عمن لا أجده.

(49)

من خلف الجبال الخضر، يأتي

الرعد الذي لا أسمعه

صدى جميل يتوه

وهو يحدثه.

(50)

قلبه صغير، المسكين

ويعمل جاهدا!

يبكي في النهار

وينتحب في المساء.

*

ترجمة: إسكندر حبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى