فروغ فرخزاد – وهذه أنا

وهذه أنا

امرأة وحيدة

على عتبة فصل بارد

في ابتداء إدراك وجود الأرض الملوثة

ويأس السماء .. الساذج المهموم

وعجز هذه الأيدي الأسمنتية

مضى الزمان

مضى الزمان والساعة أربع مرات دقتْ

أربع مرات دقتْ

اليوم هو اليوم الأول من شهر “دي”

إني أعرف سر الفصول

وأفهم نطق اللحظات

المنقذ يرقد في الرمس

والأرض ، حضن الأرض

تعرض لنا صورة للسلام.

مضى الزمان و الساعة أربع مرات دقتْ

تهب الريح … في الزقاق

تهب الريح … في الزقاق

وأنا أفكر بزمن تتلقح في الأزهار

بالبراعم الهزيلة المقفرة الدم

بهذا الزمن المتعب المسلول

ويمر رجل تحت الأشجار المبتلة

رجل تشبه فروع عروقه الزرقاء

الأفاعي الميتة النافرة من بين كتفيه

ويكرر بصدقيه المتقلبين

ذاك التهجي الدامي

سلاماً

سلاماً

وأنا أفكر بزمن تتلقح فيه الأزهار.

على عتبة فصل بارد

في مآتم المرايا

في عزاء التجارب المقفرة اللون

وهذا الغروب الحامل بالصمت

كيف يمكن أن نعطي لذلك الرجل

الصبور

الوقور

الحائر

أمر الوقوف ؟

كيف يمكن أن يقال للرجل أنه ليس بحيّ

وأنه لم يكن حياً في أي زقت مضى ؟

تهب الريح .. في الزقاق

غربان الانزواء المنفردة

تحوم في بساتين الكسل المسنة

وكم حقيراً هو ارتفاع السلم

إنها حملت معها كل سذاجة القلب

إلى قصر القصص

و الآن

كيف سينهض شخص واحد للرقص

ويرمي ضفائر طفولته

في المياه الجارية

ويسحق تحت قدميه

التفاحة التي جناها وشمّها ؟

يا صاحبي، يا صاحبي الوحيد

يا لها من غيوم سوداء تنتظر يوم ضيافة الشمس

كأن في مسير من تجدس الطيران ظهر ذلك الطائر في يوم

كأنها كانت من خطوط الخيال الخضراء

تلك الأوراق اليانعة

المتنفسة في شهوة النسيم

كأن تلك الشعل البنفسجية المحترقة في الذهن

الصافي للنوافذ

لم تكن سوى تصور برئ للمصباح .

*

ترجمة : محمد الأمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى