مقدمة لتعليمات لف عقارب الساعة – خوليو كورتاثر

فكر في هذا جيدًا: حين يهادونك بساعة، يهادونك في الحقيقة بقطعة جمر مذيلة بورود، بسجن مظلم بلا تهوية. إنهم لا يهادونك الساعة وحدها، هذه القطعة الصغيرة التي تمنحك سعادة وقتية، متمنين لك أن تدوم لأنها سويسرية الصنع، ولا يهادونك هذه القطعة التي تضعها في رسغك وتتنزه معك أينما رحت. إنهم يهادونك، وهم لا يعلمون، والمصيبة أنهم لا يعلمون، بالقطعة الهشة والمتغيرة لذاتك، بشيء ينتمي إليك غير أنه لا يسكن جسدك، بشيء ينبغي أن تربطه على جسدك بأستيك كذراع صغيرة يائسة معلقة فوق رسغك.

إنهم يهادونك الحاجة للف عقاربها كل يوم، يضطرونك لذلك حتى تدوم الساعة في عملها. يهادونك فكرة متسلطة بالانتباه للوقت للحاق بمحلات الذهب، ومواعيد برامج الراديو والخدمة التليفونية. يهادونك الخوف من أن تفقد كل هذا أو واحدًا منه. الخوف من أن تُسرَق الساعة، من أن تقع على الأرض فتنكسر. يهادونك ماركة شهيرة من الساعات ويؤكدون لك أنها أفضل ماركة. يهادونك المقارنة بين ساعتك وساعات الآخرين.
حين يهادونك، لا يهادونك بساعة، بل أنت الهدية. أنت الهدية التي قدّموها للساعة في يوم ميلادها.

ترجمة: أحمد عبد اللطيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى