قُبّة الغطّاس الزجاجيّة – موريس ماترلينك

أيّها الغطّاس الذي لا يبارحُ قبّته الزجاجية!.

بحرٌ برمّته من الزجاج ، دافئ مدى الدّهر !

حياةٌ لا تتحرّكُ على الرقّاصات البطيئة الخضراء !

ولَكَم من كائن عجيب خلَلَ الجوانبْ !

و كلّ ملامسةٍ محظورةٌ مدى الدّهر !

بيما ألفُ حياةٍ و حياةٍ في الماءِ الرَّيِّق خارجاً !

.

حذار ! ظلُّ الأشرعة العظيمة يمرُّ على أضالي الغابات في قعر البحر ؛

و أنا ، الى حينٍ ، بظلِّ الحيتان التي تيمّمُ القطب !

.

في هذه الهنيهة ، أظنُّ أنّ الآخرين يفرَّغون في الميناء مراكب ملأى بالثلج !

لقد كان لا يزالُ با قياً بين مروج تمّوز جبلٌ من جليد !

إنّهم يسبحون القهقري في ماء الخليج الأخضر !

يدخلون عند الظهر في كهوف دهماء !

و نسائم العرض تمسح السُّطوح !

حذار ! هاك ألسنة ” الغولف ستريم ” تندلعُ لهباً !

نحِّ قبَلَها عن جوانب السّأم !

لم يضع الناسُ من بعدُ ثلجاً على جبين من تملّكتهم الحمّى ؛

لقد أوقد المرضى ناراً من فرح

وهم يطرحون الزنابقَ الخضراء في اللهبِ بملأ اليدين !

.

ساند جبينك إلى الجنبات الأقلِّ حرارةً ،

بانتظار القمرُ في أعالي القبّة الزجاجية ،

وأطبق عينيك جيداً دون غابات الرقّاصات الزرقاء ، و الآحين البنفسجي ،

فلا تصلُ الى سمعك وساوس الماءِ الدافئ .

.

امسح رغائبكَ التي أوهنها العرق ؛

إتجه أولاً شطر الذين هم على وشكِ الإغماء ،

فإنّهم و كأنّهم يُحيون عرساً في سَرَبْ ؛

فإنّهم وكأنّهم يدخلون ظهراً في جادَّة تُضيئُها المصابيحُ في قعر نفقْ ؛

يجتازون ، بموكب عيد ، منظراً يشبه طفولة يتيم .

إتّجه بعدها شطر الذين هُم على وشك أن يموتوا .

إنّهُم يفدون وكأنّهم عذارى قد أطلنَ النّزهة في الشمس بيوم صيام ؛

إنّهم شاحبون فكأنّهم مرضى يصغون الى المطر يتساقط بهدوء على حدائق المستشفى ؛

وهم ، وكأنّهم البقية الباقية من الأحياء الذين يتناولون غداءهم في ساحة المعركة .

إنّهم كالمساجين الذين يعرفون أن السجّانين جميعاً يسبحون في النهر ،

والذين يسمعون الأعشاب في حديقة السّجن تُحصدُ .

*

ترجمة روّاد طربيه

زر الذهاب إلى الأعلى