آلام الجبل _ موسى حوامدة

أفكر في الوردة
الوردةُ وهي تموتُ بين يديّ الطبيعة
الوردةُ لا تحزن

لكنها تذوي وشذاها يملأ الحواس
كيف لي أن أصبح وردةً
فراشةً
قطناً سماوياً
يضمد جراحَ الأسرى
جراحَ المُهانين
آلامَ الجبلِ الرابضِ على مشارف الخليل
ذاك الجبلُ الذي مررتُ فوقه سنوات طويلة
وأنا أتعجبُ من انحنائه
للعابرين
وعدمَ اعتراضه على
وقاحة الغرباء

أولئك الذين جاؤوا بغبارٍ أسود
نتفوا أوراقَ الوردة
ورموا تلكَ الفراشات
بفحمٍ أسودَ
ملوثٍ بريش الحمام
ذاك الحمام الذي لم يطرْ فوقَ كتف الجبل
حطَّ بطيئاً باحثاً عن الحَبِّ
ولما رأى العنبَ معصوراً في كؤوس الغرباء
هَدَلَ قليلاً

وطار عن الشجر..

الشجر…
الوردة…
الفراشة
البلاد

وأنا أذوب بين يدي الخطيئة
كما تذوب
الحلوى بين يدي الذنوب
أيتها الحلوى
أيتها الوردة
يا عطر القطن الساقط من حقل السماء
آنَ للكمأ أن يرفعَ رأسَه قليلاً نحو الأزرق
آن للغريق أن يمسك تلابيب القمر

ويجرّه إلى شرفة البحر.

ولأني متعجلٌ نحو الوردة
مستغرقٌ في تفكيكِ أواصر علاقتها بالريح
متشككٌ في قدرة الماء على إحباط رغبتها في الشذى
أسلكُ طريقاً مغايراً للشوك
أفتح باباً موارباً للحياة
أمطُّ تاريخَ الاسفنج
وأغفو عندَ يَدِ المعنى.

عابرٌ سرابَ الكلمات
مأخوذٌ بجدية الفنار في تحرير الضوء
سابحٌ في فضاء الوردة
في نشيجها
في بكاء أوراقها
وغفلتها الأبدية
في يد الغواية تقتربُ من جسد الوردة
في ابتسامة الطبيبة
في رائحة ملابسها
في عشقها للوردة
أكتب للبياض
لقميص الحرية
يا حرية
أنا الوردة
متعددةُ الحَمَاوات
لكني حرةٌ في موتي البطيء
في بث حكمتي للقفار الجريحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى