السعيد عبد الغنى – مختارات من ديوان ” الحمد للجنون “

القمر لديه قرحة في صدره
لأنه يظل حبيسًا لرزق الفراغ
ولكني أداويه بضريح الحظ
وأقتاد سفر التخوم.
***
لماذا نموت ونحن نعانق الحياة؟
لأن جرحًا يمتد فى جرس روحنا.
***
رميت قلبي بحبك كالرماح
ونعمت بحزنك وبليلك الملاح
وسافرت من قبل فى أرواح
ولكن لم يبزغ بي الصباح
إلا عندما عرفت روحك.
***
أسكرُ بأشياءٍ غير النبيذ
فمثلا أسكر بالورق الذى يصيبه الكرى
وبغصون اليأس وبدمع الورى
قد أطلت نحيبي وأخذت ثأر الخجل
فأنا أخجل من عورة الصباح
ومن أعطاف الأقاح
أريد أن أتم صدعي
وأترجم سقم السراب
وألجم حتف اليباب
لكى لا يشرح زاد مدامعي.
***
شذبت أظافر السلو الخائن
وطعمت بندى الجفون
وسكرت بحدق العيون
وناديت بى شهوة الحرمان
لكى أسوغ شرار النار.
***
لماذا تكدح الفراشات أكثر من القصائد؟
لأن السماء ترجم الكلمة بحجارة الإستقرار النفسي.
***
المحراث الذى شققت به عين الدخان والضباب
هو الذى قال لي أن الغيوم خالية من المعنى.
***
أنام على سرير السرمد
لكي أصارع الكون الفاني
وأحلم بالعدم الأنيق.
***
لماذا نجوع إلى مهرة التناغم والحلول ؟
لأنها تكتهن الموسيقى الدفينة.
***
عضّوا الحياة من نهدها
لكى تجرجر الموت من قفاه
وتصلبه على خشبة الشغف
آه ، لو نجحت الحياة فى قتل الموت
سيزهر الفراغ ونأتي بالموتى ثانية إلى عيني.
***
يتلفت المصير دائمًا إلى الوراء
ويبحث عن مخرج من نصال القدر
ولكنه يسقط مغشيًا عليه
لأن لديه أنيميا الصدفة .
***
تحرسني حصيرة الحرية الواسعة
من الإحساس ببرودة السجن
ولكنها تاهت مع نقل أثاث الكون
إلى كون آخر تحت التأسيس.
***
لماذا نهجر السماء المتغضنة؟
لأنها تدخل فى غمد الدم
***
لماذا المتاهة جميلة بهذا الرعب
ولا تتسع لها سكاكين الحضور والوعي
لا أعي أي شىء
سوى أني أتألم بشدة .
***
***
من يفر من الجوهر الذى يطغى على اللامرئي بنا
من يسدد قدمه الطاغية فى بحر الوجود
أخاف جدًا ولا أحتمل رذاذ العدم
الذى يلمسني وأنا مقفى .
***
أضرب أسوار العراء حول كلماتي
حتى تنظف نهودها من النهر
قبل أن يقرأها أحد .
***
الصباح يشبه الأناناس الطازج
الليل يشبه غليون الفن
الظهيرة تشبه الروح الدافئة للحلم
ولكنى أشبه حصير الزمهرير .
***
سوف ألاحق سلعة الخلود
الذى يبيعها أي شاعر
وسأشتريها لألاقى ذاتي.
***
أضرب على قفا دموعي بقصائدي
لكى أتخلص من شهيق الجحيم
ولكني أفتح السماء من باب إحساني إلى الوجد .
***
أدلل القصيدة بكتابتها على جسدي
وعلى شرفات الروح البالية
وعلى فضاء الندم الواسع
وعلى بر الأسطورة التى تتفكر
فى المكان التى تنبت منه .
***
البهلوان الذى يتأرجح كدخان السيجارة
هو الذى أخبرني أن السماء تلعب
عندما تزور القلب فى المساء
لتقتات عطر التسبيح بالإله الولهان
الذى يسطو حول تنورته
لكى يجد زرقة مطواعه تفتر الله .
***
يغمى علي عندما أفكر فى الحياة
وأتقيأ كل ما في جوفي
لأنها تطهو الجيفة والذاكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى