بلقيس الملحم – أحبك حتى تنتهي الحرب

من أين قبلته؟
وكيف سرت في روحي أنفاس غريب
سرق لونًا من السماء
فشحبت حتى بكت الملائكة؟
يبست الفراشات
وانطفأت قناديل بعيدة

من يرعى تلك السماء
غير نجوم دوَّنتْ عدد قبلاته
ثم راح يتشمم رائحة فستاني الأخضر
قبلة تلو قبلة..
حتى نبتت في فمي كل هذه الغابات
فمي الذي يكره الحرب
ويشتهي بيتًا من قصب
ألمس فيه أصابعه
فيتدفق نهر عميق
ركن على ضفته قارب قديم

هو الذي نام في كفي كثمرة
فانسكب بيننا طريق من ضوء وعتمة
الصفصاف يعلو والعصافير تعصر حليبها
فكيف يهدأ الهواء في ثيابي؟
.
.

الموج يرتفع كلما ملأنا رئتينا
خابزات الرغيف يبتسمن لسائح عابر
لتذكارات من عقود الفضة والعقيق والخرز
رُبطت حول شجرة عقيمة فأنجبت ثمرتين
تُرى.. كيف يُقبض على رائحة المكان؟
يقول الغريب:
إغمضي عينيك كي تريني
فأغمضهما..
لكنني لم أعد أشم رائحة النهر
ولا أسمع طنين الدغل القريب
لا هدنة أنتظرها
ولا أرض تتحرك تحت قدمي
أين القارب؟
كيف اختفى عناق المشاحيف
وغابت وجوههم السمراء
.
.
هنا..
من أمام شاشة مضيئة وملونة
عددت قبلاتك فأمسكت بمفاتيح القصيدة
لست الضاربة على الحروف
ولا على سلم الموسيقى
قلبي يأخذني إليك
كلما تذكرت أني أحببت جنة مفقودة
أنغمس فيها
وحيدة أفتح عينيَّ على اتساعهما
أراقب خيوطًاً بعيدة
وأنادي طائراً مهاجراً
مكرراً معي بصوت عال:
أحبك حتى تنتهي الحرب
حتى تتجمد الأغاني الريفية في فم العشاق
أحبك وهذي الأشجار تتهادى في الماء ما بيننا
خذ مني كل ما أرى
وستشرق شمس بلادك
كما لو أنها تشرق أول مرة على هذه الأرض..

زر الذهاب إلى الأعلى