كلارا خانيس – قيس وليلى

صورة شخصية للبطل

*

يدخل المجنون عاريا

في حديقة الأزهار

و تتوغل في روحه

جمرة متقدة

حيث لا وجه للجنة

سوى وجه لي

وجسدها كلمة حب

و الحب هو عريه وغطاؤه

من الجنون و السحر و المطلق و الوعي.

.

اعتراف الشاعر بصعوبة هدفه

*

أيها الساقي املأ الكأس

لأغني عن كامل السيرة

الذي حاز الشهرة

العذرية

رفض القيم

الخروج على الشرف

الاستسلام الكامل للحب

حتى الجنون

حتى الضياع

في تيه صحراء نجد

الممتدة بلا نهاية.

.

ابتهال صلاة

*

أنظري أيتها الروح المتجهمة إلى مدينة الحب المقدس

المسي الحجر المتقد

.

و ادخلي إلى الخمر المعتق و انعكاس الضوء الأبدي

و في البحر المجهول

المسي المادة تسيل

حتى لا يبقى

سوى الجنون.

.

عندما انطلق المجنون إلى الصحراء

*

يحترق المجنون بالحب

فتسيل الصحراء بالينابيع

تبني الطيور في شعره أعشاشها

و تتبعه الوحوش

تحرس معبده لحما حيا

و قلبه هو حجر ونار.

.

المجنون يناجي الجبل الذي يحسبه رفيقا فيجيبه الصدى

*

الجبل و الصدى يتحدثان

مع آلامي

أيها الصديق الوفي

فلنجمع شفاهنا

على الحجر الصلد

الذي يرقب الهواء

وخذ الألم

يالصعوبة ساعة

زمن الصحراء

و يالصعوبة الابتعاد عن نجد

حين يعبق الزهر

الرياح

وتسمع القطعان

ترعى الوديان.

.

هنا يعلن موقفه في مواجهة الاتهامات التي يوجهها البعض إليه

*

عاريا

لا يحتمل حزني

حتى الهواء الهفيف

هاربا من العالم

و لا أجد مواسيا لهمومي

سوى الوحوش

في الصرخة

يفتح الصوت صورا

يحتمي فيها ألمي

في نيران

حارقة تطلبني حبيبتي

و احتراقي يطلبه ألمي.

.

ليلى تلقي بسرها لشمعة وفراشة ليلية وسحابة

*

لشمعة تتمايل

تسأل عن لون

الحداد النابع من الدخان المتلاشي

لا تزال تنبض بالحياة و تزاحم

قلب المجنون

تسأل الفراشة التي تقترب

عن النبض الخفي

فتفرد الأجنحة وتقدم نفسها إليها

وترسم قلبي

في الفضاء

و للسحابة التي تمتص تنهداتها

أتضرع إليها أن تبتعد عن المطر

و تحول بقايا لهبنا إلى نار متقدة

في شعلة واحدة

نجم خالد

يطوي سر حبنا

أنا المجنون صوت ليلى

الملتف بالصخب الذي يشف

من جسد إلى جسد

فتراه عيناك.

.

من الأشياء التي يقولها العاشق عندما يسمع اسم ليلى

أبيات شعرية تنتشر فيما هي أركان للأرض الأربعة

*

هرب طائر من القلب

عندما سمع اسمها

وهرب جسدي كله

حتى لآخر الأفرع

يا جبال النعمان

التي تحتضن قبائلنا

دعي الرياح تحمل أصداء أصواتنا

في أعالي الأشجار

سوف أسكن

لأرقب ظلالها

لأنسى ظلي.

.

ينتبه العاشق إلى حقيقة مشاعره والى عطشه الذي لا يرويه النبع

*

ابحثوا عن الماء خلف الجبال

بعيدا عن الخيام

بعيدا عن نيران القبيلة

بعيدا عن الرمال وكروم النخيل

بعيدا عن آخر الإشارة

حيث تضيع آثار أقدام الروح العارية

في وسط الصحراء اللانهائية

ابحثوا عن الماء

في نبع الطيف الذي لا يجف

ففي هذه البئر الخفي تنبت

متعانقة كل الأشكال.

.

تأملات المجنون بعد أمن يبقى وحيدا مع الوحوش

*

سوف أعيش في اللاشيء

بخطوط كفي

أرسم وجهها في الرمال

وسرعان ما تمحوها الريح

ويترك الأشعار في اللاشيء

تنزع من شفتي هذا الشكل الذي يشبه الكثبان

فيسيل في الصحراء

يضيع في الفضاء

و يترك في اللاشيء

مداعبات هذه الحيوانات

التي يمر حبها الأخرس

بلا أثر في الروح

ليضيع في لاشيء

و من نفس الجحيم

للأفق الأعمى

الذي استسلم له

لأعانق اللاشيء.

.

عن كيف استقبل العاشق مع الوحوش خبر عرس حبيبته

*

تزوجت ليلى

و المجنون ينفتح على الألم

تنبت أشجار الحزن

في أرض صدره السوداء

و بألمه ودموعه تملتئ الأوراق.

.

ما كانت تراه ليلى أمام عينيها دائما

*

سراب لا ينتهي

حيث أرى الصحراء تحترق

تحترق في نيران الحب التي تختلط بالضيق

وبوابة أفق الأحلام

وبعد ذلك تشتعل الرمال

و تصبح سريرا من نار

يطمع فيه الشوق

لينتهي فيه

فلا المدى المظلم

و لا ضوء النجوم الفاتر

يمكنه أن يطفئ الروح المشتعلة

والمطر المفاجئ

الذي يفتح الجداول

في الصخر الساخن

لا يستطيع أن يطفئ الروح.

.

ليلى تنظر إلى ذلك الصعلوك الذي لم يكن سوى المجنون

*

تحت العمامة

عينان

كبلحتين تعرضان لي

وتطلبان الحياة

فلا الموسيقى ولا الرقص

يوقفان الصفقة

لحظة في قلبي ذلك المشهد

كرم من النخيل يسكن في داخلي

يحوم في أحضان خضراء.

.

حين يرى القبة السماوية سجينة الظلام

يستحضر المجنون حبيبته

*

يبدأ الليل منتهاي

فتوزع أعضائي في الضباب

أين يكون صوتي

وفي أي مكان

إذا كان الجسد يتحول في الليل

ويسلم المدى وجوده

حيث الأنجم الخرساء

و العصافير التي يلقيها القمر كالبرد

تصبح علامات للصمت

آه . يا منفى اسم حبيبتي

الذي يسمح لي أن أصل في الأثير حتى حلمها

أصل إلى شفتيها النائمتين

لأسرق البعث من جديد

و الآن تبزغ الشمس

حيث يختلط الدم و الملح

و الرمال تختلط بقلب من نار.

.

يتأمل الشاعر ما وقع من أحداث حتى هذه اللحظة

*

ليس سرابا ذلك الجمال

الذي يحمي الحب في الصحراء

لو انطلقت العيون في الفراغ

في أعماق الروح الساكنة

كالأخضر المنعم

الذي ينتشر

غازيا الجسد كله

و يفتح نبع الصفاء

حيث يشرب الغياب

فيتحول اللامكان المطلق

إلى فعل.

.

غزل ليلى حين تصل إلى مكان المجنون

*

يهرب عشقي المجنون

يهيم إليك كعاصفة من رمال

كالأمطار الموسمية تملأ أنهار الصحراء

عشقي المجنون

عشقي المجنون يتعمق

في الأرض الخراب

ينشر فيها أزهار الآنية

اقطفها يا مجنون

إنها اللحظة التي نحار فيها

إلى الأبد.

.

كلام المجنون

*

ابتعدي يا حبيبتي

لكي لا تهرب الصورة التي أحفظها لك

و أحميها من كل العواصف

لتنمو في داخلي

و بها نكون الواحد

فلتصب عيون الجسد بالعمى

وليخصب المطر الروح بالمياه الصافية.

.

حين تشعر ليلى بقرب نهايتها

ترى نظرة المجنون أمام عينيها

*

نظر إلي

فامتلأ قلبي

و ارتفع المدى على نار الدم

و في أعالي الليل

رفع القمر عش البرق

كان مدار الحب دائريا

و كانت الشمس الخفية

تكشف عن توهجها الأبدي.

.

تعترف ليلى في لحظاتها الأخيرة بأن الحب محراب للعالم الآخر

*

أنت أيها القلب / الجنة

الرمال الساكنة

حجر النار المشتعل

إلى أين أيها البرق تقودني

هالة من التوافق تنحني في الباب

في نعوتها

يأخذني الذهب و الأشعة السبعة في دورانها

تشتعل النار الخفية

طاوية الظلال

و أدخل كطائر.

.

في الأبيض اللانهائي

يقول المجنون القصيدة الأخيرة

قبل أن يقضي نحبه على

قبر محبوبته

*

تراب في تراب ليلى

وفي اللاشيء ضاع بهاؤها

أن أكون لا شيء في اللاشيء

هو مرادي

فطريق الموت

يجمعنا في العوالم الخفية.

*

ترجمة : محمد بنيس

زر الذهاب إلى الأعلى