يحيى عبدالمنعم _ لعلى أغفر لك

أيها الجالس فوق الشجرة
أما آن لك أن تهبط
لترى ما آل إليه الثرى
-خصب الأمس و ملاذه-
بعد أن لوثته المساحيق
و الدماء و الأسمدة
و الجبال التي أصبحت ناعمة
من أثر التسلق المتكرر
و عوامل التعرية
و البحار التي لم تعد تنشق للشراذم
الهاربة من بطش الفرعون
و أنت..
بعين اللا اكتراث
و لسان اللا حول
تدعي الحيرة و الاندهاش
و صوت أملك السقيم
لا يرصد سوى حلمِ عاجزٍ
عن تحقيق الوجود
و كأنك محض نكرة!
أيها البائس جدا بلا شجرة
لم تعد هناك شجرة
الجذع أحيل صليبا
و ماعورة و سريرا
و حطبا للمدفأة
و الاوراق بيعت بخسا
لتصبح صفحة من التوراة
أو ورقا للمراحيض
و البذور وئدت في الصوامع
وفي جيوب المزارعين
و الطيور المهاجرة
باتت وجبة غذاء دسمة
لم تعد هناك شجرة
فقط ذكريات عن ظلها
منذ زمن بعيد مضى
معبقة بالغموض و المبالغة
تنساها هي
ويتذكرها المتعبون
أما أفعالك فبنيت لمجهول
و بقيت أنت
أيقونة للنسيان
تسبح في عدم الفضاء
أيها النائم على الدرة البيضاء
مرشدا و واجدا و مداويا و موحدا
كيف لك أن ترشد التائهين
و أنت التيه؟!
كيف لك أن تجدهم
قبل أن تجد نفسك؟!
كيف ستبرئ المرضى
و أنت الموت؟!
أنت المردد في شفاه الانتحاريين
و المعلق في رقاب القتلى
أنت المسجى في الكتب السماوية
و على شرف حضورك .. بل غيابك
تصب الدماء كالنبيذ
في نشرات الأخبار
كيف سيؤمن بك الثوار
و باسمك يصدق على كل قمع
و يقسم على كل كذبة؟!
كيف توحد الناس على الكلمة؟!
أنت المقسم بين سيف و نار
و صمتك يطوق كلمتك
و الموت استرسال رسائلك
اقرأ ..
ثم صحِّف الجدل بالموسيقى
و بدل البارود بالخزامى
و امح ما كتب باسمك
لعلي أغفر لك ..!

اللوحة ل Monica Barengo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى