رسائل من الغرفة رقم (7)_أوس حسن

-1-
افقت على صوت نسوة يطبخن المراثي، على نشيد يدفعني إلى التحليق في متاهة غامضة، كنت كضوء يتسلل بين شقوق الجدران، أرى اللامرئي في الأشياء وأتحسس نبض قلبها العاري، كان الزمن يحوم حولي كئيباً وبارداً، لكنني لم أشعر بشيء، ولم أر شيئاً أبداً، حتى جسدي الممدد أمامي على السرير.

-2-
هناك في السماء البعيدة بقايا من كوكب مسروق: طين متيبس وراية مكسورة وناقوس قديم… ترى أي صفحة في كتاب الخديعة كنا، ومن أي خطأ كبير جئنا؟

-3-
شهوة البرق في الأعالي وهو يلامس الجبال، حفيف الأشجار وتراقص الظلال، بحار السحب الهابطة، مقابر الدخان، سيمفونية الريح، سحر النار وصلاة الرعد في محراب الأرض، كل هذا يثـــير بي لذة وحشية … صرخة مكبوتة تشبه صرخة أسلافنا من أعماق الكهوف.

– 4 –
إذا كان….
للحجر ذاكرة
وللظلام موسيقى
وللوردة قلب من دموع
فقط إسأل نفسك: كم الساعة في العالم الآن؟

-5-
من الضوء الشاحب في سقف غرفتي، أرى صورة معلقة على الجدار لشخص أعرفه ولا أتذكره، تبسم كثيرا في المرايا حتى استطال وجهه وتساقطت جميع أسنانه.

– 6-
ربما ســــنصبح ذات يوم أسرى هذياننا المحمـــــوم وأحلامنا الســـرية، لكن في اللحظات الأخــــيرة مـــن أعمارنا ســتستيقظ فينا الحياة الحقيقية وتحملنا معها كتيار جارف.

-7-
المجنون نصف نبي.. والشاعر نصف مجنون.. والأعمى نصف بصير، ربما على الحقيقة أن تبقى هكذا عارية وتائهة بين الأنصاف.

– 8 –
لا شيء بعد المدار اللولبي سوى غبار العتمة والصقيع. ومضة.. ثم سراب.. ثم انطفاء أبدي.

– 9 –
من قلب الجنة ثمة شيطان يتربص بنا، وفي قلب كل فضيلة ثمة شرور تنخر عظام الأرض

– 10-
من ثقب في باب الفردوس، رأيت الممالك السبع، وأنهار اللازورد، رأيت البياض جارحا ومعتما جدا، رأيت اللغة بلا ذاكرة تطفو فوق عرش الماء، رأيت الشيء واللاشيء….
من ثقب في باب الفردوس كل الطرق كانت تؤدي إلى العدم.

-11-
حتماً سينتصر الزمن على الإنسان، وفي خريف العمر ستتقاذفنا الأسئلة الموجعة
هل حقاً كنا محض أكذوبة كبرى؟ في خريف العمر سنجلس إلى طاولة من الخمر والذكريات والأوهام، سنثرثر كثيراً، ونضحك كثيراً، لكن قبيل النوم سنبكي سراً مع أنفسنا، سنبكي كالأطفال على كل الأشياء الضائعة، الأشياء الحقيقية التي هربت منا عندما قررنا أن نصبح أشياء كبيرة في هذا العالم.

-12-
ماذا سيحدث لو توحدت جميع التناقضات؟
تأمل عميقاً في صمتك، تأمل في عاصفة الضباب من حولك
انتظر أمسك، ولا تندم على غدك
وابدأ الرحلة من نهايتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى