نظرات فى فيلم ” Naked ” وفى شخصية جونى الاناركي

شخصية حادة مضطربة عدائية عنيفة ، مليئة بالافكار الإنكارية النافية ، ومليئة بالصراعات ، تمثُلية لكل الألم الكونى والتيه وفقدان الهوية ، هذا الألم الكوني الذى يعتبره جميع الناس ألم رفاهية وألم وهن نفسي وألم إبليسي ، وعدمية بشكل مطلق وجارف وعدميته لا تتكيف ، إنه دوما عدمي ، لا تجد معنى فى أى شىء ، استباحية إن رغبت وأرادت لأى شىء مهما كان منافى للاخلاق الإنسانية ، مستفزة لكل من حولها ومثيرة للاستغراب الشديد ، حياتها بلا دفء ، تنقل بين المنافى ، لا حنين لديها لانها لاانتمائية ولا حنين لأنها لم تشعر بضمات سابقة يكون الحنين إليها ، لا يوجد أبدا طوباوية تخييلية بها ، لا يوجد بها امل فى خلاص ما ، قارئة بشكل نهم وكائنة فى هذا الانصهار ، انصهار ما قرأته وما فكرت فيه بلا أى مواربة من خوف ، حيث تكثفت وترسبت الأفكار فيه وتمثلت فى افعاله ، إنه دوما هارب وبضراوة بعد فعل شىء منافى للقانون الإنسانى ، مهجور هاجر، لا يطاق .
الجنس فى حياته عنيف ومضطرب ، إنه نوع من العذاب للشريكة ، ودائما ما يظهر الجنس نفسية الانسان وميوله واضطراباته الداخلية العنيفة لأنه إحدى وسائل التعبير عن الانسان ، يهرب من العاطفة إنها تخنقه وتحدده وتقيده وتعينه ومع ذلك هو غواية بغرابته والغرابة هنا بشكل مطلق لانه مضاد لكل السائد ، لكل البديهيات للشخصيات ، لكل الحاجات التى يريدها الانسان .
إنه معتم غامض يشعر بتفاهة كل شىء حوله وتفاهته حتى ، ويريد أو لا يريد ، فقط عندما يحتك بأحد أن يعبر عن ذاته ربما لحاجة باطنية فى تدمير ما يمكن أن يستلذ به الاخر من جهل ، والأمر هنا فى مناقشات الاناركي أنه يٌصنف فقط ولا يمكن أن يٌرد عليه إلا بثوابت وجدانية لأنه إن تمت مجاراته وكان متفكرا حقيقيا لن يتماهى مع إنكاره أحدا ، وهو لا يؤمن بأية ثوابت وجدانية ولا عقلية ، إنه ينكر كل شىء وينكر ما فى ذاته وينكر ما فى الاخرين من وجود ولم يثبت فى الفيلم مايك لي أى عاطفة سوى فى انتظاره لهذه الفتاة حتى تعود ربما لنه شريك له فى الضحية لسلطة العالم، إن مهووس يكرر دوما كلمة حقيقة ونبوءة ولكن نبوءته مبنية على حقائق لا على شعرية خيالية ولكن ليس بشكل مطلق لأن النبوءة فى جنسها شعرية حتى وإن كانت علمية .
إنه ما يحدث فى عقول المتفّكرين الفلاسفة هو ثقل العالم كله ، هو الحقائق القادمة والحقائق الماضية والحقائق الحاضرة ، إن مأساتهم أنهم يروا بدون حجب ، إنهم عورة بالنسبة للمجتمعات التى تريد الاستمرار ، بالنسبة للسلطات التى تريد الاستمرار ، بالنسبة لمعانى العالم التى تقوى بقائه ، بالنسبة للاوهام العظيمة المتقنة .
شخصية الحارس التى تحدث عنه هى شخصية تمثل جزء كبير من الناس فى العالم ، من يعملون ولا يفعلون فى حياتهم سوى العمل وهذا بسبب سلطة الرأسمالية ، إنه عبر بذلك عن رفضه من خلال ذلك النقاش ولا يجد من يشبهه إلا من هم أبناء الشوارع لأنهم فقدوا جزء كبير من الهوية الإنسانية بدافع التشرد لا بدافع الفكر ، ولكن غريب عنهم لأنه يخلق باستمرار رفضه وقلقه وضجره من كل شىء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى