هكذا كنت.. – فرناندو بيسوا

1106 هكذا كنت.. - فرناندو بيسوا

 

لقد مررت أجنبيًا بينهم، لكن ما من أحدٍ رآني كذلك. لقد عشتُ جاسوسًا بينهم، ولا أحد، حتى أنا، أرتاب في كوني كذلك. جميعهم حسبوني قريبًا لهم: ما من أحدٍ عرف أنهم غلطوا بحقي منذ الولادة. هكذا، كنت مماثلاً للغير بدون مشابهة، أخًا للجميع بدون أن أكون من العائلة.
أتيتُ من أرضٍ عجيبة، من مشاهد أجمل من الحياة، لكنني عن الأراضي لم أتحدَّث إلّا مع نفسي، وعن المشاهد المرئية في الحلم، لم أعطِ خبرًا قط. خطواتي كانت تشبه خطواتهم على الأرضيات الخشب والبلاطات، لكن قلبي كان نائيًا، رغم أنه كان يخفق قريبًا، سيدًا مزيفًا لجسدٍ منفيّ وغريب.
ما من أحد تعرَّف عليّ في قناع مماثلتي للغير، ولا عرف قطّ أنه كان مجرد قناع، إذ ما من أحدٍ علم بوجود مقنّعين في هذا العالم. ما من أحدٍ افترض وجود آخر بجانبي، هو أنا في النهاية. اعتبروني على الدوام متطابقًا مع ذاتي.
لقد استقبلوني في منازلهم، أيديهم صافحت يدي، شاهدوني أمرّ عبر الشارع كما لو كنت هناك؛ لكن أنا الحقيقي لم يكن قطّ في تلك الصالات، مَن به أحيا لا يملك يدين ليصافح الآخرين، مَن أعرفه فيّ لا شوارع لديه ليمرّ منها…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى