الحائطُ المقابلُ لا يتسع لكتابةِ كلمة “فشل”مرتين ،علينا شق المسافة بين الكلمتين، لربما ينشع ضوء طفيف من جرح الجدار يسمح بالتباعد، ولربما نحتفظ بكلمة “فشل” كبيرة تغني عن كلمتين متلاصقتين ،وكامرأةٍ تجيد تخزين الأرز والدقيق وعلب الصلصة الفارغة في جيوب البيت الصغير أستطيع أن أخزن المزيد من “الفشل” على حوائط الغرفة .
تقريبًا توقفت عن ملاحقة التواريخ ، وكلما تعثرت في تذكر كم عمري الآن عددت تكرار كلمة “فشل” على الحائط ، ألضمُ الكلماتِ في خيطٍ واحدٍ وأصنع منها كل ليلةٍ قصيدة (قصيدةُ الكلمة الواحدة ).
أنا فاشلةٌ تماما ، أتيقن منها حين تستيقظ ابنتي في جوف الليل وتطلب مني أن أطمئنها فأبكي ، أبكي لأني في حاجةٍ لجيشٍ كاملٍ يجلس تحت سريري ليطمئنني أو أحتاج لأمي وحدها .
أنا اسفنجةُ أمي المطيعة ، تضعني على خدها لأمتص الدموع والصفعات ، تثبتني بين فقرات عمودها الفقري فتستقيم انحناءة ظهرها ،تعلقني في شحمة أذنيها لأستخلص لها الأصوات التي تحبها ،تقول أمي أنا أنجبت علبة طباشير ، أنتِ طبشور يا آلاء عليكِ أن تُعيدي رسم الخطوط في سبورة الحياة ،سترفعين كل الخطوط وتعدلي ميلها ، سيقف الله بجوارنا _أنا وأنتِ_هو يعلم جيدًا كيف كان حائطنا القديم .
أمي ترطب جفاف القلب بالأغنيات ، وترسم على حوائط البيت بؤرةً صغيرة وعلى بلاط الغرفة بؤرةً كبيرة ، تُشير لي هنا ستنبت الشمس الصغيرة في نهاية فبراير وهنا ستنمو الشمس الكبيرة في بداية ابريل، وبين الاثنتين سيمرح زهر البرتقال، أمي لا تعرف الآن أن جدران بيتي لا تتسع لشموسها وأن اصبع الطابشور الذي أنجبته تآكل كثيرًا من تكرار كتابة كلماتٍ بسيطة ك “فشل”.