أيها النجار
اصنعْ لي باباً
باباً ضيِّقاً كحنجرةِ العصفور
أخرجُ منه بصعوبة
لا أريده ناعماً كخدِّ الطفولةِ
اتركه قاسياً بمسامير تمدّ سيقانها
خارجَ النوم
دعني أخوض التجربة
فيتمزَّق قميصي وأنا أخرج منه
وتنهش ذئابُ الندوب صدري
ويشرب الهواءُ بعضَ دمائي الملوَّنة بالأصدقاء
وأمشي مثل ولدٍ سيقابل نفسه لأوَّل مرَّة
مثل جريحٍ يتأوّه كلَّما سحبَ مسماراً
من دمعته
وسهماً من مخاوفه
فيراني القناصُ ويومئ لي
كواحدٍ من ضحاياه السابقين
كواحدٍ من رسائل جنَّتهِ المغلقة
أيها النجَّار
اصنعْ لي باباً
ضيِّقاً كعيدِ مدينتي
لا أستطيع الدخول منه إلى غرفتي
بوزني وهو يزداد كلَّما عدتُ
بكلِّ هذه الأشجار
التي تعتبرني بيتها
وكل هذه الأصوات التي تتعرَّف بداخلي
على بعضها
وبكل القطارات التي سارت على جثَّتي
وكل الظلام وأنا أرسم عليه
رياحاً بيضاء كالفرس الأخيرة
في بلاد الكتب المأخوذة بانتصار الغريق
أيها النجَّار
اصنعْ لي باباً ضيِّقاً
ضيِّقاً وحسب
أجلس إليه، أُحدِّثه فيكبر
وأدخل بحشد هزائمي
وأتركه مفتوحاً للآتين بأعذارهم
هكذا هم في الحقيقة