ما كان مني كان
وما لم يكن لن يكون
فيا شجر العمر .. مات الربيع الأخيرُ
فلا تنتظر من طيور الهواجرِ
شدواً يطيل الغصون
أنا وهج الكائنات الخفي
وأول من عشقوا الأرض أو ضيعوها…
هي الأرض لؤلؤة في بحار الخليقةِ
زرقاء ضيعها العاشقون
لم أزل طازجاً
منذ أولى الرغائب في الحمأ الفجَّ
تسكنني شهوة لاكتشافي…
أُقلم أسئلة الشك
قبل تصلب أظفارها في دمائي…
كأني في مشهد البدء
وحشيةٌ روضتها الفنون
لقد كنت أحملُ جرحي إلى عيد ميلاده الألف
حين تعثرتُ في سلة من حكايا الصغار…
تساقطتٌ .. أو قُل تساقط بعضي…
غدي فر من ساعتي هارباً من تقاويمها الصم َّ
حيث التقاويمُ بعض السجون
يدي شقَّ فيها الزمان
ممراً له باتجاه الخلاص…
ووجهي سرير الكوابيسِ
في شر شفِ من غضون
أنا موعد أكلتهُ السنون
يُواعدني الموج لكنه لا يجيء…
برئتُ إلى البحر من كل موج ٍ يخون
أنا واحدٌ شطرته الشعارات :
نصفي جنونٌ ونصفي جُنًون
تأرجحت في جبل اسميهما دون إ سم ٍ
أُ حاول أن أستقر على ضفة تنتمي لي
وما زلتُ أُرجوحة الضفتين.
أُصيخ إلى رئة النهر في الشهقات الأخيرة ..
و اخجلتاه ُ!!
سأعرف الآن أني من جفف النهر
غدراً بأسماكه
غير أني ظمئتُ .. ظمئتُ.
وأدركتُ كم هي مسكينة قطرة الماء
حين تشردُ من نهرها في مهب الضياع.
وأني أحقرُ من صارم ٍ
خان ميثاقهُ في احتدام الصراع ِ.
أنا الآن لا توأمٌ لي غير الخطيئة ِ
تقطف كفارةً من ثميرات حزني.
وحزني أشبهُ مني بنفسي.
ونفسي قُبرةٌ شجونْ
ونفسي دمع تنكب درب الجفون
ألا عالم بالتفاسير يقرأ ُ رؤياي.
إني أراني أعدو على الحبر‘‘
أهمزهُ باتجاه البياض القديم ِ
ولكن حبري حرون
ويحدث أن أغتدي راعيا ً
في مروج التوسل أرعى قطيع الظنون
يعلمني الشعر كيف أشم ُّ الزهور بأسمائها ..
وأقود الخيول بإيماءة ٍ للوراء
تنبه فرسانها من سبات القرون
يعلمني الشعر .. و الشعر وحي السماء.
ألم تقرؤا قولهُ في الرجاء :
ألا إن من شاء صون الحجاب ِ
وحجب نافذةً بالستائر ِ
فالنار مثواهُ يا أيها اليائسون
يُعلمني الشعرُ .. لكنني لرغيف الكلام ِ ..
فمي الآن يأكل آخر أسنانه
غارقاً في خضم السكون
وثمة طوفانُ صمت ٍ يفورُ
وقد بلغ الماءُ حنجرتي.
أين (نوح) الحوار ؟!
أنا ابنك يا (نوحُ ).
لا جبل يعصمُ الآن
من موجة الخرس المستبد.
وقد جاوز الماءُ حنجرتي.
آه .. ما عاد الفم متسعٌ للحوار ِ
فهل ثم مُتسعٌ في العُيُونْ ؟!