– لم أستطع أن أمنع الموت عنكِ
ولكني أبذلُ جهدي
لأَحرُس أحلامكِ
– هكذا أمضي في الليل
مُلتحفة بالطريق
مخافة أن تعبُر
وأنا نائمة !!
– كل هذه السُّيول يا أمي
كانت فقط..
لأنني ولدتُ في فصل الشِّتاء !!
– طارت العصافيرُ بعدكِ يا أمِّـي
وجفَّ النهر الذي..
كان يجري إلى الشجرة !
هي دمعةٌ تحجَّــرت
على عتبةِ عينٍ
مذهولــةٍ
من بشاعةِ الحياة !!
– الأصدقاء يمُوتون
يموتون دائماً
مع أنهم كل يومٍ
يكتبون على جُدرانهم:
نحنُ بخير !
– ليست دُموعا
ما يتساقطُ مِن عينيّْ
وإنما هي،
رسائلُ العالم إلـيّ
– أنا ايضا ولدتُ
وفي فمي مِلعقة
مِن ألم..
– لم يذكرني أحد
عندما وزعوا سلال الفرح
وحين حضر الحُزن بقامته الشاهقة
كلهم أشاروا إليّ!!
– كلما اقترب الموتُ مِنـهم
نهضتُ من قبري
لـِ ألحق بهم
لافكرة لي
أسندها إلى هذا الجدار
لا جُدران لي
أعلق عليها هذه الأفكار !
– كل ما نمُــرُّ به..
يبقى عالقا في الذاكرة
بعضه أرجوحة..
وبعضه مشنقة !!
– كل
مساء
ابكي
ورقة
ساقطة !!
– أكادُ أبصر جدرانه
هذا العالم غرفة ضيقة
تؤثثها جماجم كبيرة
ومرايا مكسورة
– صـلِّ لأجلـهم
أولئك الذين عاشوا
بقُلوبٍ ميِّـتة….
– الصَّخرةُ لا تبوحُ بِسرِّها لأحد
حتّى للمطر
وهُو يُعِيدُ تكوِين وَجعها
نافذةُ الليل مُشرعة على مصراعيها
مَن يُواربُ دفتيْها
ولو قليلا
– ما بيننا ليس فرحا عابرا
وإنما جداول حُزنٍ
تعتق في مطامِر الأيام
– هذا الصمتُ
عواء
داخلي
– كم قصيدة حُب
كتبتُ بِحروف اسمه
حتى أكملتُ
أربعون صيفا
وسِرب حمام !!
– روحي مربـوُطة
بساقِ حمامة
سافـرت إليه !
– عكس عقارب الساعة
أدور حول قلبك
وأردد: لبَّــيك
– إذا خذلـني الـغيـم
لي ذاكرة حبلى
وحقول من الدمع
– بيني وبينك غيوم مُكابرة
لن تُمطر
أبداً
– المساءُ المختومُ بنجمتـك
هُو عمر كامل
– قاب لهفتين أوْ أدنى
وأصيرُ
بين شفاهك لحنا
– كل الوُجوه المُستقيمة أمامي
أراها مائلة إلى الوراء
وحده وجهُك يسبقُني إليّْ
– لستُ التاء المربوطة في آخر كلِماته
لستُ عطر قصيدته
ولكنه سيبقى أبداً
الضمَّةُ المرفوعةُ
في آخر القلب
– من هُنا مرُّوا
تركوا رائِحةَ تبغهم
وبعض الحنين
وغابوا
– حين التقيتُه
في القطارِ الاخير
لم أعلم
أني بعدهُ
لن أسكن إلا المحطات!!
– لو يعرف القطار
سِحر الالتفاتة
و رِقَّة الأكف المُلوحة !
– أستعيرُ أصابع رسَّام مُحترف
أستعيرُ ألوانه،
وأقفُ أمام المرآة طويلاً
أردُّ عن ظِلالِ حُزني
شهقة الآخرين !!
– الغربة: أن تفتح فمك للمطر
فتبتلع الريح صوتك!
– هذا البابُ الكذّاب
كم أسمعني طرقاً
بِقبضةِ يدك !
– وحدهُ الغريبُ
يضعُ زهرة بنفسجٍ
على شُـبَّاكِ بيتـِي
– صديقتي الفراشة
بكَـتْ على صدْر الليلِ
فانوساً أعمى
– الفراشةُ التي سقَطت
في كأس الشمع
لمْ تحترق
ولكنها علقت
هناك
– وأنتَ تُمشَّطُ نيران القلب
إحترس..
أن تعلَـق أسنان المشط
بين تِلال الرمَّــاد !!
– النَّـارُ التي تَسري في شراييني
لا تلتفت أبدا
إلى تِلال الرَّمــاد !
– يُولدُ الشاعر
من الماء
ليَـمُوت عطشاً
– كأني أراكَ تحملُ روحي
في حقيبةِ
وأراني أغرسُ أظافري
في الجُدران
– قبل أن تمضي..
علّق على نافذةِ الليـلِ
مصباحاُ صبوراُ
– كيفَ لي أن أنساك
وقلبي كُتـلةٌ من عِشقٍ
وحلمٍ
وغضب ؟!
– لي مِن اسمك تعويذة
تقيني
همس الليل
– الدولابُ سيبقى هُنا
وحدها الملابسُ
تُضلِّلُها الحقائب
– حين أبكي بين يديهِ
أصيرُ نهـراً
– حين تنكسِرُ أمواجه على قدمي
حين أغـُوصُ في رماله
أصيرُ لُؤلؤة
– أعطِني يـدك
كيْ أُغمضَ عيني
وأتبعَـك
– في المساء تتعرى ذاكرتي
كأشجـارِ الخريف
لِـتلبسك أنت وحدك
– السَّـفر في عينيك
يحتاجُ أشرعة عالية
وأنا امرأةً..
تكسِـرُني الرِّيح
– كم مِن سفرٍ في ذمتك أيتها الريحُ
وكم مِـن شوقٍ
وكم من سلام !!
– أعبرُ العُمر
بِحُلم أعرج
يستقيمُ في عينيك
– ما الحياةُ إلا
حوارُ حذاءٍ
ورصيف !!
– ظلّك الذي رافقني
في الممرات البعيدة
حين غابت الشمس
خذلـنيِ..
– آن لي أن ألتفِت إلى ظِلـِّي
أتأبط ذراعه
وأمضي..
– مُرتبكة،
كورقةٍ وحيدة
معلقة في غُصن يابسٍ
تحت سماء غائمة !!
– يتلُو على التُّـراب حُروف جُوعهِ
يُلـملمُ سَكينَة الأموات
يُلملِمُ أحلامهم
ويَعودُ إلى الأحياءِ
مُثقلا بِحملهِ
– يَحرُس الليل بعينِ ذئبٍ موجوع
يُلملـِمُ سوادهُ عند البُزوغ
يتأبّـطُ حِكمتهُ،
ويمضي في انتظار
ليلٍ جديد
– وهو ينعطفُ الى شارع جانبي
في مدينة العمر،
الْتفت إلى الوراء
حدّق في البعيد.. البعيــد
وتهتم:
كم كُنتَ وحيداُ يا قلبي
كم كنتُ وحيدا يا أنا!!
– هذا الطريق الذي كان لنا
صار لغيرنا
لوِّح لهُ
ونحنُ نميلُ
إلى المُنعطف الإخير
– مُخيف هذا التصحر
الذي بدأَ يزْحفُ عليها
ومرعبٌ جمُودهُ
أمام معالم الصحراء
– لمْ ترجع الصّيف
لن تَعرق كفّ المِنجل
والخوابي..
لن تُغلقَ أفواهها
– صِرنا نلتقي فقط على هامش التقارير
يأخُذنا الحديث عن الحروف الفخمة
وننسى الفواصل والنقط
ثُم تفترق مزدحمين بعلامات التعجب
– أنا الطِّفلةُ التّي كنت تُمسك بيدها
لِتقطع الطريق
لماذا حين ظننتَ أني كبرْتُ
سحبتَ يدكَ
وتركتَ الطريق يقطعُني؟!
– يَحضنُ كفها
لـِ يعبُر معها الطريق
تُمسكُ بذراعِه
لـِ تعبُرَ به الطريق
يمضيان معاً
ويظلُّ بينهما الطريق!!
– أشتاق أن أرسم بالطباشير مُربعات على الأرض،
ثم أقفزُ عليها بقدم واحدة..
وحين أعودُ الى البيت، أطل من نافذتي
لأرى كيف تمحو خطوات العابرين
آثار الطباشير !!
– أعطوني زقاقا دافئا
أرسم فيه بيتاً
يُشبهُ بيت جدَّتي
– الأزقة دفاترُ المدينة
والخطواتُ
حبرها
– أعطوني خيطاً أبيض
لأُرتّق
جُيوب المدينة
– تأبطتُ قدمَيْ ودخلت..
المدينةُ التي سقطَ رأسِي فيها
المدينةُ التي أسْقَطت رأسي فيها
المدينةُ التي أُسقِطَ رأسي فيها،
حين أبصرتُ سُكانها ينتعلون رؤوسهم
انتعلتُ قدميْ وخرجت..
– البردُ الذي يدخل من الأبوب المُواربة
يملأ بيوتنا بوسائد ضخمة
تبتلع رؤوسنا في المساء !!
– بين الحب والحرب
صحوةُ
قلب
– حين عاد من الحرب
حكى قليــلاً
وبكــى كثيراً
قبل أن يُصبح مرثية المدينة !!
– في الحربِ
أحبُّك أكثـر..
– رسائلُ الحُـب لم تصل
وصلت
قذائفُ الحرب !!
– وحده القلب الذي يسكنه الشهيد
لا ينسى تفاصيل الحرب !
– مذهولة،
كفردة حذاء
سقطت من قدم طفل
تحمله أمُّه وتركض
هربا من الحرب !!
– شهدُ ابنة جارِنا
لوْ لم تمُـت في الحرب
لكانت الآن أطول منِّي..
– قال لها: عندما تنتهي الحرب، سأرسل أمي لخطبتك
قال قلبها: أخشى أن ينتهي العمر قبل أن تنتهي الحرب
أصغت الحرب لحديثهما، ومالت جهة القلب !!
– كُنت نائمة حين اشتعلت الحرب
مددتُ يدي لأطفئها
فعلقت هُنـاك!!
– عندما تنتهي الحرب
سأُصابُ بعطبٍ في الذاكرة
و سأبدأ حربا أخرى
وحدي !!
– فردةُ حذاء واحدة
هذا كل ما تحتاجه
طفلة نجت من الحرب !!
– الرصاصة ليست في جيبي،
الرصاصة
في قلبي !!
– يَمُـرُّ بِـه موكـبُ العابرين
وهو مصلوبٌ على جِدع الزّمنِ
كأنه مصيدةٌ للوقت!!
– في طريقه إلى قِمّتـه، سقطت مِنه أشياء كثيرة
حاول التقاطها ولم ينجح
قبل أن يصل بقليل، سقط قلبه
آخر ما بقي في جعبته
مِن أعلى القمة
كانت الريح تُدحرجُ
هيكلا فارغاً
– هذا كلّ ما بقي لك
تقليم عُشـبٍ
ينمُو على صخرة القلب
– هذا القلبُ يغزلُ
وتِلك الأيــامُ
تنكث !!
– مُتعِبٌ هذا البياض
سأرسُمُ أرجوحة
بيني وطني
والوطن
– يحتاجُ عصا
بِـطُول ساعاتِه
هذا النّهــارُ الأعمى
– كان يراها الأرض
التي لن تبخل عليه بشئ
ذات مساء انشقت
وابتلعته !!
– هذا البـحرُ يَعبُرُني كل مساء
يترُكني أجمعُ القشَّ لِلغرقى
ويمضِي ضاحِكاً
– هل يخافُ الأمواتُ
في الليل،
حين ينام اللصوص
في المقبرة ؟؟
– صغير هذا العالم
بخطُوطه الدائرية
بصمة أُصبعٍ
– كأنني السحاب
بعضي
يمضي ببعضي!
– يضع العالم
على ذراعـِه
بائعُ صحفٍ مُتجول !!
……………….
خاص_أنطولوجي
*كاتبة وفنانة مغربية تقيم في بلجيكا