أحمل جبل طارق
خطبة عصماء..
تدوي وراء البحر المتوسط في السطور
و جيشاً أرفع به ضيم المغلوب
و بيارق ترفرف و رماحا وثنية
أنثرها شذرات فترتمي الأندلس
في ندائه قيامة من جذور..
أحمل جبل طارق
غصة في صدري
و غيمة تظللني من شمس سرمدية
أكلم التاريخ المزور
و بيت الشعر المدور
و أبحث عن الفردوس المفقود
يقودني حدس الماء إلى سجني في مغارة هرقل
فيخرج لي العقل..!
و أبدأ الغناء ممتزجا بالعواء
أردد وراء الليل المتهور
ما كان
و ما لم يكن
و ما سوف يكون
أيتها الأرض التي تيبست فيها دماء الغدر و الغرباء
و جحافل التتار..
أيتها السنابك المرتجة الأصداء
هذا أوان الفتك و اللا انتظار..
سليبة سبتة..
كئيبة مليلية..
من يوقف الزحف إلى سفح الجبل المبتلى؟
من يقتفي أثر السفن في ماء البحر المحلى؟
و يهتدي مثلي بالنار الأولى؟
أيتها العدوة اﻷبية
أيتها الجنة الشقية
أ كتب اللقاء و الوداع علينا، كتب السؤال
عن هذه الأرض التي تشيخ فيها الأنهار
و تذبل فيها دموع الصغار
قلت: لا تكترث للجنون
و للحب المجنون
فهذه الأرض زاهية بالمجون
و بشتى أنواع الفنون.
عدت إلى سبتة بعد أن خرج منها أبو العباس السبتي
أحمل بن زياد في النعش
و ماتبقى من أوراق إبن رشد في مخلاة حماري..
تطاردني أفكاري و أوهام الحياة
و تحاصرني مرافئ النجاة..
من يوقف الزحف؟
و كل ما نعشقه يلاقي حتفه إذا ما اشتد القصف..
من يؤجج نار الصمت؟
من يكتب في دفتر الماء عن ولادة الريح؟
من يصرخ في وجه الظل؟
و يصيح…
ليسقط القناع
ليسقط الجدار
و لتسقط عصور الأنوار.