في اليوم الأول :
مرَّ بَحْران بوقتٍ واحد
فلم ألْحَظْ ظِلًَّا يرقص خلف النافذة
ونسيت دفتري في مِطَبٍّ هوائيّ
****
في اليوم الثاني :
مرَرْتُ وحدي خلف بَحرين بوقت واحد
فغرِقَ ظِلّي تحت جسرين
يقطعان الطريق على مائين ينتظران إذْناً بالمرور
وارتعَشَتْ خُطَى الطريق تحتَ قدَميَ
فتغيّرَت صوَرٌ
وتبعثَرَ التراب أُنْشوطَة
تَلُمُّ الحصادَ لَغْواً فاتناً بين الدروب
***
مررْتُ في يومي الثالث على جسدِ الخارطةِ
ترجَّلْتُ عن ظِلّي المُشاكس
وخلَعْتُ عباءةً ريفيّة
كنتُ أفِرُّ فيها كَبساط ِأحلامٍ إلى ما أريد
ولم ألحَظْ شيئاً تَحتي
تنداحُ دولٌ وتفِرُّ مدائن كنت أدّخِرها لمائدة العشاء
لكنّ ظلِّي الذي لم أستطع حبسَه في الزجاجة
كان يتشكّى الظّمأ
عند كلِّ نهرٍ دُسْتُ فوقَ رقبَتِه عند المفترق
وأنا أبدأُ يومي
***
مزَّقتُ الخرائطَ فقط لأهُشَّ على غبار الجدار وأضعُ صورتي
رسمَها فنّانٌ خلَطَ بيني وبين الربّ في الهياكل
فاجأَني في اليوم الرابع عُرْيٌ فادحٌ لم أستطع إخفاءَ عورَتِهِ
والرّملُ على مرمَى حجرٍ يُصَلّي للفراغ
في اليوم الخامس :
كانت يدايَ مشغولتيْن بتجريب دُخان المَقاهي
أُشَكِّلُه غزالاتٍ ترقصُ بنشوةٍ وهي تعيرُني دَمَها
وجياداً تصعدُ بأجنحةٍ تلُمُّ وَصايا أنبياء من السماء
قبلَ أن تبتَلّ بالمطر
وجنِّياتٍ يتعرّيْن في المرايا ليَخْطِفْن أطفالاً صالِحين
قبلَ أن تكتَملَ بهِم دورةُ الحُلم
وحُقولاً مُحْتَرِقَة تحت نهر ٍتخثَّرَت مياهُه
مرةً رسَمْتُ مسجداً خالياً في فَلاةٍ فامْتَلأَ عن آخرِه بالجَوْعَى
ورسمتُ مشفَى خافَ منه المرضى
واستراحوا على ظهرِ مقبرةٍ غرَسْتُها بالخطأ بين الحَدائق
وهكذا مضى يومي بين دُخانين فلم أُصِبْ هدفاً
وأرجأْتُ تفعيلةَ الموتِ لليوم التالي