أ وليس انتحارًا…
أن تحبّ إمرأة تنتشي ، حين تغرقك
في مزاجيّة دمائها قصيدة ؟!
تحلّ في النبيذ..
رعشات النبض ضفيرة ضفيرة ،
و أنت تعرفُ مسبقا ، أنّ قلبها مرتدّ
كعناقيد حانة ترشح شهقاتها من عريّ الفجر .
ككلّ البرجوازيات في هذا البلد ،
تقيم القيامة بعربدات ثورية
تجرّ قلبها عربة بائع بائس ،
يجزّ بكلّ ثقله .. بضاعته بنصف صلاحيّة
و يندب خلاجاتها.. صوته الملغوم بتبغ ،
نفخ فيه البلل وهو يبيع صداه المهترئ للريح .
كم تستفزّها ..نصف فتحة وقحة ،
تشقّ عينين شلّلها نهم أحمر،
يشتعل و ينطفئ ..،
يتساقط حتّى شفاه أفحمها الكحول
كأنّه ييتزوّد من غابة ضمئة في صدره !
كم يستفزّها ..نهم أحمر !
يتساقط.. بتساقط سروال مبتذل الشهوة ،
و بنصف فتحة..
يشنّ فتوحاته الذكوريّة المحمومة
فيشد على اهتزاز الكيل بمكيالين ،
يترائ له .. تورّد نهود
إحترفت اقتناص الغاوين
فيمزّق الحياء..على أجسادهنّ ،
حتّى تستوي بين يديه ..سكّرا .
باليد نفسها ..و بنصف فتحة
يجز بكلّ ثقله ..حتى يطحن والأرض ،
ظلّ طفل ..تراوغه طفولة ماجن ،
فينتفض لنصبة الحلوى..و يتمرّغ بذوبانها ،
من شدّة ما حفيت قدماه من الوقوف .
باليد نفسها ..و بنصف فتحة
يجزّ بكلّ ثقله.. كأن يستعطف بالليل ،
حتّى يصنع شرنقته ،
يبيح فحولته…
يسقط كلّ شيء ،
و تبقى شهوة مبتذلة ،
معلقة بين خدوش صرخة باردة .
أوليس انتحارا…
أن تحبّ إمرأة ، و أنت تحمل
في قلبك ..ضغينة قرفها الانساني ؟!
تطيّع منها .. نعرات حسب لون الدم
الذي يتعطّش إليه تراب قبيلتك ،
ككل الغزوات ..حين تحشر .
نحن لنا البحر ..و كذلك لنا دم
البحر هو الجبل ..
هو التلّة التي يرتفع بها الياسمين ،
حين يخصّب النديّ ..في الوريد .
البحر.. نقيس به تدرّج غلظ الدّم في الملوحة ،
والتهاب الدمع المشفّر ..في عين الشمس .
البحر هو العرق ..الغرق ..هو توهّج أبيض
ما بين ”الحَرقة ” والحُرقة .
البحر هو احتراق لا ييأس ،
و الوريد ..شعلة جنديّ .
ماذا لو تعرّقت ..بين أصابعي
فتيلة ..يوم الحشر ، و أنت تتلحفّني ؟
سقطت عربة ذاك البائس في الزلق ،
و انفلت من التساقط الأحمر ..غضب أحمر،
يشتعل و ينطفئ..
يوقد االاهتزاز من رماده ..بمكيال نهدين ،
حتى تلاشى الظلّ في بؤسه
و اشتبك الأحمر بالأحمر.
أ وليس انتحارا…
أن يفرغ الأحمر من كل ايحاءاته
و الكل يصدح بالياسمين ، و لا تخضرّ دماء ؟!
نحن لنا بحر ..و لنا دم
هذا كاف لنخبز وطنا ..نحترق به .
الوطن هو فكرة ..لا يحتمل المزايدات ،
و الفكرة.. اسفنجة نرجسيّة ، مجرّد رائحة .
ماذا لو تهبني تلك الضغينة ؟
أحشوها ..بشهوة حمراء ،
تنعتق مني.. قصيدة تختلج بالاستعارات ،
حين تتأمل التخاطر في كاسك ،
تشكّل.. نثرا خفيفا ، حتى يشبع شغفا من ماء :
”على أدراج الحلم ..ترفل منا الحياة ،
كلّما دثرتنا.. ثورة الألوان التي تتجلّى في عطركِ !”
و تشدّ على النثر في ذاك العلو الشاهق ،
حتى تنتفض فيه الهوية : ”محلا سرّك”’
ستضيع حتما ..في الماهيّة ،
كالبحر ..كالفكرة ،
وهي تهطل في الأنفاس نبيذا أحمر:
” بعثرْ كلّ ما ترتدي من عطر ،
حتّى تصدح الروح.. بالورد
حتما ، ستشعر كم أنت حرّ كما الصدى !”
و يسلبك التخاطر في الكاف ،
و شغف الماء ..في الّتشكّل ،
تنفلت الاستعارات حتى ينتصب النثر في ثورته ،
وتبقى تشدّ.. و لا يستوعبها المجاز .
كما تتفتّق سنبلة في البحر ..وتعتّق غيمة في السماء ،
تتماسك القيامة في إسمها : أنا تونس الخضراء !
255 2 دقائق