أعنِي . بأني أعرف معنى أن تكون حياتك مِثالية لحد ما ، ليس الحد الذي يصف ماهيّتها ، لا ، إنما إلى سنةٍ ما ، حيثُ تنتهي جميع الأشيَاء التي كنت تعتبرها عملًا عاديًا أو فكرةً مُكررة و تؤُول إلى الزوَال، رائِحة طعام مُعين على سبيل المِثال و التي تغشاك عند أول خطوة وضعتها في منزلك، بينما ليست تمامًا تلك التي تحبّها لكنها شبيهة بها، ضحِك الرفاق على السخائِف في ساحات المدرسة الواسِعة لأن المعلّم اليوم قد شرَح درسًا ما عن الحيوانات المنويّة أو شكل مبيَض الأنثى، أن يُصيبك البحر بالموج حتى بعد أن تعُود إلى فِراشك في محاولة واسِعة للإبقاء على هذا الشعُور، على أمل أن يستمِر إلى يوم غدٍ، بينما أنت تعلم جيدًا أنه لن يفعل، أن تخلُد للنوم بينما ملابس العيد تُحدّق بك بإلحاح بارح و لكنك لا تستطيع أن تفعل شيئًا حيال هذا.
أن تفكر فتاة في الخامِسة عشر بأن إهدائها لملابسها الداخليّة إلى فتىً ما قد يضمن لها قلبه، أو أن يكون الوجُود بأكمله فكرة تتلخّص في إسطوانة تحمِل صور شخصيّات كارتونيّة في إحتمالية أن يقوم جهازك بتشغيلها أو لا .
ستدرك فيما بعد بأن هذه الأشيَاء الصغِيرة كانت الجذر الذي ضمَن بقائك إلى الآن ، لأن التمسّك بها – على الرغم من عدم رغبتك بهذا في الماضي – قد صنع منك القصِيدة التي أنت عليها اليوم، بغض النظر بالطبع عمّا إذا كنت رثاءً أو غزلًا أو حتى شطرًا ناقصًا .
ثم ستبدأ مُحاولاتك الباهتة بالعثُور على ما كنت تملك، أعنِي الحنِين المُزعج إلى الطفل المتكرّر الذي كنته، والذي كنته، و الذي كنته، ستحاول أنت في إخلاصٍ فانٍ أن تعيد دهشتك الأولى تجاه الأشيَاء، ربما ستنزح إلى الوجه الذي كانك قبل أن تطفو السنوات عليه، أو أن تنام في الليل على الرُغم من أنك تكره ضوء النهَار، و أن تربّي نبتة، تعلم جيدًا بأنها ستموت سريعًا من قلّة اهتمامك بها. و لكنك على الرُغم من هذا تحاول، و بكل ما تحمله أفعالك القصيرة اليديّن، أن تعود حياتك، مثلما كانت قبل القصِيدة، مثاليّة .