هدير كساب – العالم الذى نلعنه سويا

أشخاص:
بلدان:

لا داعي لهذا، فأنت آسف وأنا مثلك تماماً، وهذا العالم الذي نلعنه سوياً آسف – إن حدث والتفت لنا – نحن وحيدين منذ انسلخنا من رحم وحتى نتدثر بالموت. وهذا الظل الأنيس الأوحد في هذه الشساعة، وإن يكن في حقيقة الأمر عدو وكل ما تعرف عنه ربما يكون خطأ، لا سبيل إلا شجرة عنب لتصنع خمرك، المخمور حر، له خشوع درويش يتمايل بين دوائر ملائكة ويدعو شياطين روحه للرقص معه، ربما حرية زائفة، لكن لا بأس بها مادامت في عقله حقيقة فاضحة ان وجد له عقل ستكون هذه جنتك، بالطبع مطرود منها لا محالة، فالخمر لا تُسكر أمثالنا، لن نكون الدرويش ولن نرقص مع الشياطين وأطياف الملائكة لا تدور حول مسخ، معتل. كل منا سيكون الجبان الذي يختلق أشباح فيكتنف الخوف جسده، ستكون تجربة مثيرة للبكاء والحنين. أذكر الآن دوارة مدينة الملاهي والعامل خلف الصندوق الزجاجي، ألقي نظرة عليه وأخرى على العربة التي استقر فيها آخر يملؤه الحماس ليحلق في السماء، اعتقدت أنه أحمق، لا شئ يدعو للسعادة، المشهد مهيب الآن وهو يضحك ويهز ساقيه في الهواء، من سيصرخ معي إذا؟ الخوف دائماً خير صديق لو فقدته اعلم أنك ميت.
دورك الآن إذا؛ ستقول أنه كان منذ زمن عتيق، لكني أعلم أنها كانت بالأمس القريب، ستروي كيف خاصمك الحظ لتذهب في طريق ينقصه صفرة الرمال ليكون صحراءك أنت وكلب يلهث خلفك، كان عليك أن تنصت حينها لنبضات قلبك لو أردت لجعلت منها سيمفونية سوداء _تناسبك كثيراً _ ستخبرني بعدها أن الكلب أصابه الملل وتوقف عن اللهث خلف معتوه مثلك. الموت فن كما تقول سيلفيا بلاث ونحن لسنا فنانين،كان لديها من النرجسية ما يكفي لتكون ومضة لي في هذه العتمة :
“حين يكون مزاجي حسنا،
أهب العشب خضرته
اسمح للسماء بالزرقة
و أمنح الشمس وهجها الذهبي
لكن حين أكون مكتئبة المزاج
أمارس سلطتي المطلقة
فأحظر اللون
و أمنع كل زهرة”
على الأرجح ستكون الليلة هادئة ودافئة، كأن أحدهم ضرب بعصاه الحائط ليدع العالم يدخل، طالما كرهت حياكة ثوب قديم قد بلى، لذلك ليكن عالماً جديد يعطيني أسباباً للبقاء، لامسه الحب فجعله مُقدساً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى