سَأَحْكي عَنِ الْبَحْر ِ أَسَرَّ لِي
بِمَا لَمْ يَقُلْهُ لِأَحَدٍ ..
عَنِ المْرأَةِ الْعَاقِرِ تَحْلُمُ
بِوَجْهٍ مُدَوَّرٍ لوليد مَلاكٍ .
سأحكي عن الأحْزان الصَّديقَةِ ،
والْبسَماتِ الحَبِيبَةِ ، وعن شامَاتِ العُنُقِ ،
وعن النَّظرَاتِ الغَرْقَى في ماءِ البُحيْرَةِ ،
وعنِ القَلَقِ العَتيدِ .
سَأَحْكي عن شاعِرٍ كَسُولٍ ،
مُقَوَّسِ الظَّهْرِ ،ونَحيفٍ ،
بعيَنَيْنِ ذابِلَتَيْن ، وبنَظْرَةٍ سَاهِمَةٍ ،
وَبِقَرْنَيْ اسَتِشْعارٍ مُثَبَّتَتَيْنِ عَلَى جَبْهَتِهِ ،
يَلَتَقِطُ بِهِمَا إِشاراتِ السَّماءِ السَّابِعَةِ
وَ إِشاراتِ الْحُزْنِ والفَرَحِ لِلْعابِرينَ .
و سأَكْتُبُ عنْكَ .. و عَنِّي
سَأَحْكِي عَنْ كُرْسِيِّ يَوْمِ الْأَحَد ،
عَنْ عاشِقَةٍ جَسُورَةٍ تَلْوِي يَدَ حَبيبِهَا ،
تَكادُ تَبْتُرُها ،
عن بَهْجَةِ المَسَرَّاتِ ، و عن سَكْرَةِ المُحِبِّينَ ،
و خَمْرَةِ العُشَّاقِ ، و غُصَصِ المَكْلُومينَ ،
وجوْقَةِ الضِّباعِ ، وَ قَهْرِ المُسْتَضْعَفينَ .
عَنْ حفْلةِ الْخُزَامى ، و حَرِّيفِ الزَّعْتَرِ ،
وَ هُدْنَةِ النَّعْناعِ ، وَ ضَوْعِ الحَبَقِ ، و صَلافَةِ الصَّبَّارِ ،
و سأَكْتُبُ عنْكَ .. و عَنِّي
عَنِ النَّقْرِ المُتَواتِرِ لِمَطَرٍ غَزيرٍ
على سَقْفٍ مَعْدِنِيٍّ رَخيصٍ ،
وعن مَمْلَكَةِ الأَرْواحِ سأَكْتُبُ ..
الأَرْواحِ الأثيرَةِ ، الأرْواحِ الرَّشيقَةِ ، الأرْواحِ الغَليظَةِ ،
الأَرْواحِ الشَّفَّافَةِ ، الأَرْواحِ الْحانِقَةِ و الْأَرْواحِ الْقانِعَةِ ،
والْأَرْواحِ المُتْعَبَةِ ، و الأَرْواحِ الْجَذْلَى ، وَ الأَرْواحِ القَريبَةِ .
سأكْتُبُ عَنِ الْخَرَزَاتِ الزَّرْقاءِ
المُعَلَّقَةِ في حَوَانيتِ سُوقٍ قَديمٍ ،
عن صَرِيرِ الأَبْوابِ الثَّقيلةِ بِالْحَمَّاماتِ الشَّعْبِيَّةِ ،
و عن الْحَدائقٍ الْخَلْفِيَّةِ لٍريَاضِ الْعُشَّاقِ بالمَنازِلِ الْعَتيقَة ِ ،
عَنْ بَلْغَةِ جَدِّي سَأَكْتُبُ ،
وَعَنْ بَلَلِ الْوُضوءِ يَسيلُ مِنْ أًَصَابِعِهِ ،
وَ عَنْ سُبْحَتِهِ ،
وَعَنْ حَجَرِ التَّيَمُّمِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ ،
وَعَنْ نَحْنَحَة صَوْتِهِ في بَهْوِ الْمَنْزِلِ ،
وَ عَنْ هَيْبَةِ وَقْفَتِهِ ،
وَتَعَثُّرِ نِسَائِهِ الثَّلاثِ فِي حَضْرَتِهِ ،
وَ عَنْ خَوْفِ الصِّغَارِ مِنْ سَطْوَتِهِ ،
وسأَكْتُبُ .. عَنْكَ و عنِّي..
سَأَحْكِي عَنِ الصَّحَافَةِ الصَّفْراءِ ،
و عَنِ كَتَبَةِ العُهْرِ و الْعارِ ،
سَأَحْكِي عَنْ مُومِسٍ نَسِيَتْ شَالَهَا
بِسَيَّارَةِ الْوَزِيرِ .
و عن رفاقِ الأَمْسِ سَأَكْتُبُ ،
الرًِّفَاقِ الْمُتَخَلِّينَ عنَ خطَاباتِهم ،
وَ عَنْ سَراويلٍ الْجينْزِ الْكالِحَةِ ،
المُتَحَمِّسينَ لِأَناقَةِ الْبِدَلِ الرَّسْمِيَّةِ ،
والْمُتَصالٍحينَ مَعَ السَّيِّدَةِ الحُكومَةِ ،
في أَحْزابٍ مُخَضْرَمَةٍ ، لاَ إِلَى الْيَمِينِ تَميلُ ،
وَ لَا إِلَى الَيَسارِ ،
و عَنِ السَّماسِرَةِ الدُّهَاةٍ ، والبَرْلَمانِيِّينَ الدُّعاةِ ،
و عن بَاطْرُوناتِ الأَمْوالِ المُهَرَّبَةِ إِلَى أَبْعَدِ بَلَدٍ .
و عَنِ اللِّحَى الْمُرْسَلَةِ أَيْضاً سَأَكْتُبُ ، و الرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ ،
والشَّيَاطينِ الْخادِمَةِ لِسَيْلِ الْعَرَّافينَ وَ الْعَرَّافاتِ ،
و عَنِ الْحُروزِ والتَّمائِمِ ، وَ عَنِ الْمَرَدَةِ الصِّغارِ وَ الْكِبارِ ،
وَ عَنْ عُشْبَةِ الْحَرْمَلِ الْمَجيدَةِ ، وَ تُفَّاحِ الْجِنِّ الْعَجيبِ ،
وَ عَنِ الْحَلْتيتِ الَأَزْرَقِ ، وَ نَبْتَةِ الَعَرْعَرِ
وَ ثَمَرِ النَّبَقِ الْمُفيدِ ، وَشَجَرَةِ السِّدْرِ الْمُبارَكَةِ .
وَ سَأَكْتُبُ عَنْكَ وَ عَنِّي …
سَأَحْكِي عَنْ سَهْرَةِ الْمَوْتَى بالْمَقْبَرَةِ الْمُجاوِرَةِ ،
في قَلْبِ اللَّيْلِ ،
وَ عَنِ الضَّحَكاتِ الْمُجَلْجِلَةِ لِعَريسَيْنِ حَديثَيْنِ ،
وَ عَنِ نَمِيمَةِ النِّساءِ ، وَثَرْثَرَةِ الرِّجَالِ بُعَيْدَ الْعَصْرِ ،
وَعَنِ الْعُواءِ سَأَكْتُبُ ..
عُواءِ الْقِطَاراتِ ، عُوَاءِ الذِّئابِ يَقْطَعُ سُكُونَ اللَّيْلِ ،
عُواءِ الْمَخَاضِ الصَّعْبِ ، عُواءِ الرِّيحِ الَغَضْبَى ،
عُوَاءِ الْحُبِّ الَمَخْذُولِ ، عُواءِ النُّفوسِ الْجَرْحى .
و سَأَكْتُبُ.. عَنْكَ ..وَ عَنِّي ..
عَنْ لُعابِ الْمَحْرُومينَ سَأَكْتُبُ أَمامَ فَاتْريناتِ الْمَطاعِمِ
وَ عَنْ حُشودِ الْعَطَاشَى الْغَازِيَةِ ،
بِشِفَاهٍ مُتَشَقِّقَةٍ ، وَ بِنَظَراتٍ زَائِغَةٍ ، و رُؤوسٍ رَخْوةٍ ،
وَ خُطُواتٍ عَشْواءَ .
وَ عَنِ الدَّمِ الْمٌراقِ ، سَأَكْتُبُ ، الدَّمِ الْمَسْفُوحِ ،
وَ الدَّمِ اللَّزِجِ عَلَى الْأَرَصِفَةِ ، وَ أَبْوَابِ الدَّكاكِينِ ،
عَنِ الصِّغَارِ الْمَذَهُولِينَ ، أَمامَ هَوْلِ الْحُرُوبِ ،
وَ عَنِ الْكَلامِ الْكَبيرِ الُمُكَدَّسِ بِالْغُرًفِ
السِّرِّيَّةِ لِقِبَاءِ الْأَرْواحِ .
وَ سَأَكْتُبُ .. عَنْكَ .. وَ عَنِّي .
372 2 دقائق