قراءة فى ديوان: ما لم يقله الحلم لريم قمري

قراءة: السعيد عبد الغني

ضاجعت ريم قمري اللغة من كل مكان بها واختبئت تحت إبطيها ورأت نداوة التيه الوجودى وعاشت فى البحث عن ظنون مستقبلية لمشاعرها اللامدركة بواسطة أي أحد آخر ، هو خلق صافى يهب النسمات الدفينة فى الأسرار الإنسانية فريم عددت الانتماء إلى جسد الموجه إليه القصائد وأنتجت بداية أخرى وغياب آخر لهم نفس خصائص المرآة وجمعت الألفاظ فى سلة الخوف واحتفت بجسدها الذى يحيا فى روحها وجسد كل شىء .
نادرا ما يتحدث عربيٌّ عن الجسد ورغباته بعمق هكذا بدون الوقوع فى المباشرة والابتذال لأن الجسد كينونة عظيمة تحتاج أن يعدمها الشعراء وكل ذلك فى خدمة الشعر الذى يأوينا عن العالم .
” بينى وبينك مسافى هى انت ” ، هذه الجملة مثلا فيها جلال الحالة النفسية التى تشب من ظلال الحب الذى يلقيه على أرواحنا ودروبها اللانهائية وتوقظ الرغبة فى المخاطب أن يلغى المسافة ويمذهبها إلى اللاشىء لكى تتحد ريم معه ويكونوا واحدا ويمتزج كل شىء بهم وهذا الامتزاج يكون أوله بالجسد وبعد ذلك بالروح والوجدان واندماج وعيهم وادراكهم لكى يعرفوا بعضهم بدون أي رتوش غريبة ، فقط فى أرواحهم الدفينة فى الوجود .
الحلم عند ريم هو إرادة الخلق الصافى الذى ينسج وصايا الصمت ويترنح فى الجوع إلى اللاوعي الذى يصور أشياءا جديدة ربوبية معتقة فى اللاشىء ويحمله بطاقة جمالية فوضوية لا يدركها إلا من يعرف قيمة الحلم ويقدسه أكثر من الواقع .
سطر ريم الشعري بسيط بعمق شديد وبه كلمات قليلة مكثفة ولكن الاستعارات قوية وتمتد فى جسد كل نص والاستعارات فيها وحدة موضوعية فسيفهم النص ويدركه من لديه طفولة شعرية ومن أمات اللغة ومن أحياها داخله .
الشهوة عند ريم مادة للخلق وشمعة العدم وكأس الرياح التى تنثر اللابداية على روحها المخملية التى تكتظ بالالوان المذهبة الثائرة على السواد النفسى .
ريم لا تلج إلا سرة اللغة وتنام بها وتنتظر الحفر المنقذ لظمأها الأنطولوجى لكنوز المجازات التى تصرخ فى وجه الأعراف الظالمة الوراثية لكل شىء فى المجتمع العربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى