هذه الغرفة المطفأةُ النور أضحت مكاني
أُدخلتُ فيها عنوةً لتُنادي المخيلة جنودها للحضور.
حجرة مأوى، يُدير بها الوافدون من القرى
حرب لصوص على الغنيمة،
كلّ يسرق الآخر
تسترهم عتمة موروث ثقيل.
في الغرفة، على المنضدة، فأس
ترتفع على الماضي الجريح،
يخولني الاقتراب مني أن أقطع البوادي، صياداً أو فريسةً
أدخلُ الغابةَ حطاباً
ثم أهرب طريدة من خوف الكمائن.
ذخيرتي في العتمة، وعدّة معركتي، كلمات، حشرات ـ
مجرد دبيب أرجلٍ للحروف على البلاط
لا تفكك لي الكمائن.
في الغرفة المعتمة يفوّضني الماضي
أن أحضر وأشهد الحروب:
كيف تروّض المعرفة خدماً للعاصفة
وتقلع الحكمة أنيابها
متحدثةً معي
في آخر
الليل
عن التصالح مع ضيوف غرباء يضمرون العداوة.
في الكهف الصغير ـ المربع الذي
تتقلص أضلاعه من تلف الزمان ـ
كل شيء يقف قبالتي ضيّقاً
مكبّلاً بميراث ثقيل: صدري ومجرَيّ،
نومي ودهشتي المقتضبة،
وكذلك أيامي المروّضة كالأسود
تنتسب كلّها الى المراثي وتنوح
بعيدةً عني
مثل نجم منفلت بين النجوم
يخرّ
وينطفىء
ذلك القلب، المحمل بالمواعيد، الذي أمطر الغيمة،
هو الآن ينأى بي
الى هناك
حيث الصقيع قاسٍ في حضن
الضغائن المغلقة،
وصحراء الصداقات مازالت تحترق
دون انطفاء.
في هذا الكهف المضيّق بي
كفهدٍ مثخن بالجراح
أنتظرُ وألعق الحكمة المؤجّلة
وليس للوقت حساب،
لكنّ الساعة، تؤذن وتدقّ. تدقّ بإلحاح
في الثانية تدقّ
وفي الثالثة
أو في الرابعة، وفي ما سيأتي بعدها، تدقّ
لتخطو الأشباح والأرواح المنسوخة نحوي
آتية من الماضي
صامتةً تجثمُ على صدري
فتستدعي لها الوليمة
ثمّ تأكل من
قلبي العجوز
وقد تلفت أليافه
في الغابة التي توهمتها لنفسي
وتوغلتها
منذ زمن
بعيد.