بالصوت تُقاس المسافات
قيس البُعد بين الأرض والقمر من خلال إرسال شعاع ليزر ثم قياس زمن ارتداد هذا الشعاع إلى الأرض، وهكذا هي المسافة بين المبدعين ونصوصهم، تقاس من خلال ارتداد صوت كلماتهم إليهم، ليدركوا كم هي بعيدة عنهم أو كم هي قريبة منهم. ولأن صوتك صدانا؛ “الإيكو” الذي يلحّ على “الإيجو”، لم نعد نستغرب وجود أسطورة إغريقية حول الإلهة إيكو التي أثارت حنق نرسيس بتردادها لآخر كلمة ينطق بها، فحزنت من نفوره منها، واختبأت داخل الكهوف ثم دعت الآلهة أن يتعذب نرسيس ببؤسه، فمات غرقًا بحب ذاته.
على إيكو في أسطورة الحاضر أن تخرج من كهفها وترتد إلينا كي لا نموت أمام بحيرة ساكنة تنعكس عليها وجوه واهمة، فالصورة زيف والصوت فضح للمسافة الحقيقية بيننا وبين النص؛ ونصوصنا أقمار تدور حولنا كدوران قطع معدنية لا تستقر على وجه إلا بعد أن تحدث شيئًا من الجلبة، فكُن جلبتنا.
أثير صفا – كاتبة فلسطينية