وهبني الله الليلَ والكتبَ،
بسخريةٍ بالغةِ، كلاَ وفوراً.
جعلَ عينَيّ المطفأتينَ في مدينةِ الكتبِ
ملَكَين،فتقرأُ عيناي في
مكتبةِ الأحلامِ
هذه الفقرات البليدةَ التي يستسلمُ
الصباحُ لصَبوتِها. بكتبهِ اللانهائيةِ،
فيجهِدهُما كالمُخطّطاتِ المُجهَدَةِ
التي دمَروها بالأسكندريةِ.
وكما تروِي حكايةٌ يونانيةٌ، فقد
هلكَ ملكٌ
جوعاً وعطشاً، بينَ الجنائنِ
والنوافير:
مثلهُ أكدّحُ دونما هدفٍ ضمنَ حدودِ
مكتبةِ عماي الهائلةِ.
هلالَ عتمتي أتكشّفُ ببطءٍ
شبهَ النهورِ الأجوفِ بعصايَ المتردّدةِ.
أن الذي أتصوّرُ الجنةَ دائماً
على شكلِ مكتبةٍ.
أجولُ عبرَ الأروقةِ المُثقَلَةِ،
فأحسُّ غالباً، من فزّعٍ مُبهَمٍ قدسيّ،
أنني الآخرُ هنا، الميتُ السائرُ
على دوامِ الأيامِ.
فأيّنا سيكتبُ هذه القصيدةَ
وأنا الجَمعُ على عتمةٍ مُفرَدةٍ؟
أتبيّن الدنيا العزيزةَ التي تمّحي
في رمادٍ واهنٍ مًبهَم
يشبه كلاً من الحُلمِ والسُلونِ.
*
من ديوان “نمور الحلم”