تخيل! الى حين تكون الرمال الآن، تزحف حمم
الخرسانة العسكرية، وتندي كل الدروب دموع اكتئاب شديد
لإرادة الناس، ويجلب الاستبداد
على المستعمرات هذا التقلب في الجو. وينشب شيطان جديد
مخالبه البرونزية فوق الحدائق العامة، بينما يستمر انعقاد مجلس العصافير في تنظيم صفوفه على الإدراك
لجدولة أعماله المعتادة، ولا يزال بمقدور ثلاثة رجال أن يتجادلوا
بجوار إشارة مرور تتغير ألوانها، ولكن تبدو الشوارع أكثر خلواً
والحلق جافاً. تخيل الهستيريا المنهكة من الإعلانات المستنزفة، ولاحظ كيف تملأ كل الإعلانات المبتذلة
نظام الحكومة. وعندئذ ربما ستقول: نعم، ولكن هنا جبال،
ومقاعد في المتنزهات، ونافورات تنثر الماء، وفرقة نحاسية
تعزف أيام الآحاد،
وهنا لا يزال الخباز يمارس بتصرف خاص حرفة والده، حتى يشرق صباح أحد الأيام وتلاحظ
أن الرجال الثلاثة أصبحوا يتحدثون بصوت خافت، وأن الأمهات ينادين
من نوافذ خاصة على أطفالهن ليعودا الى المنازل،
وأن أصغر كتيّب مختوم بنجمة واحدة.
وعندئذ تبدو الأيام أطول، ويتشبه الناس بسياراتهم
الرمادية اللون مثل أزيائهم. وفي العيد الألفي ينام معظم الرجال في الليل وأعينهم متجهة قبالة الحائط.
*
ترجمة: نزار عوني
من ديوان: (منتصف صيف)