قبره مكسوّ بالفضلات ثانية،
محارم مجعّدة، ملعقة بلاستيك، كوب
نايلون أبيض مقلوب، أثر أحمر شفاه لامع
على هيئة هلال على الحافة.
أريد أن أوبّخها على الفوضى التي خلّفتها وراءها،
العشب الذي سوّي بالأرض والعنب المسحوق،
لكنني رأيتها تسير باتجاه الأشجار،
جسدها الفارغ يتقلّص، وظلّها
يتبعها. أنا الدخيلة هنا،
لم آت لأندب جسداً محدّداً
بل لأستريح تحت شجرة، أصابعي تتحسّس
صفوف الرخام المتوهّج،
ومنحدرات التلال التي تغطّيها الغيوم.
دائماً أنتحي الزاوية نفسها،
إلى جوار الشاهدة التي حفر عليها (أمي)،
تاريخا الولادة والموت محفوران تفصل بينهما شرْطَة،
شقّ وجيز وعميق كاستعارة للحياة.
هل تهمسُ شيئاً، أتساءلُ، للذي
تحبّه، أم ببساطة تأكل وتنام،
راضية لساعة فوق سرير عظامه؟
أظنّ أنها تأتي له بالبرتقال والأسرار،
وبرباط يومها الممزّق والمعقود.
ليس لدّي أحد على هذه التلال أتناول الغذاء معه.
أنا مباركة. كل الذين أحبهم ما زالوا أحياء.
أعرف أن الله غير موجود، لا حياة أخرى،
لكن ثمة هذه الدعة، ملاك (*) الغرانيت
بجناحيها المكسوين بالطحلب، والتي شيئاً فشيئاً
صرت أحبّ وجهها، ابتسامتها الحزينة
كذلك الحزن الذي نحسّه بعد الجنس،
تلك الساعات القليلة الهاذية حين لا نحتاج إلى شيء
سوى النَفس والجسد، بعد أن نحلّق عائدين
إلى أنفسنا، إلى أجسادنا الثقيلة الناقصة،
قبل أن يعاودنا ذلك الجوع الرهيب.
____________
* تصورة الشاعر الماك بوصفه أنثى
*
ترجمة:سامر أبوهواش