إلى ريتشارد
*
قبل عصر الخدمة الذاتية
حين لم تكن مضطراً إلى أن تضخّ بنفسك حاجتك من الوقود،
كنتُ الشخص الذي يقدّم لك هذه الخدمة،
الفتاة التي تخرج حين يُقرع الجرس
حاملة خرقة زرقاء، رافعة شعرها إلى الخلف
على هيئة ذيل حصان مستقيم وبشع.
كان هذا قبل القواطع الأوتوماتيكية
والأختام البخارية، ومرة فيما كنت أملأ خزّاناً،
ضربت فقاعة هواء محبوس وارتدّ الوقود
إلى أعلى، منبجساً من الفتحة على شكل قوس
في موجة ذهبية لامعة وغمرني السائل – وجهي،
نهدي، بطني، ورجلي. وكان عليّ أن أهرع
إلى الكُشك، إلى حمّام الموظّفين الصغير،
المكسور قفله، لكي أغيّر بذلتي،
أن أنزع عن جلدي الثوب المشبّع بالوقود
وأغسل نفسي في المغطس.
خفيفة الرأس، عارية، شعرت
بالذهول والصفاء – كيف صقل
الوقود الكهرماني جلدي، السّفع،
الألم الخفي الناتج منه،
الوجع واللمعان على جلدي الذي توهّج
كزيت قوسقزحي على الرصيف.
كنت في العشرين. وكنت، بعد بضعة أسابيع،
سأغرم للمرة الأولى بذلك الرجل الذي ينتظر
بصبر في مستقبلي كنبتة حمراء
على الرصيف؛ ذلك النوع من الجمال
الذي يتطلّب أن يُرى.
كيف كان لي أن أعرف
أن الأمر سيبدأ على هذا النحو:
كل خلية من جسدي
تشتعل بجمال خطير، الهواء حولي
هالة ضوئية ستحملني
عبر الأيام،
وكيف حين وجدني بعد أسابيع،
كان سيجدني على هذا النحو،
امرأة عادية يمكن أن تشتعل فيها
النيران، وليس عليه سوى
أن يقترب مني ويلمسني.
*
ترجمة:سامر أبوهواش