ديفيد غاسكوين – الحقيقة ُ عمياء

سقط َ الضوء ُ من النافذة و انتهى اليوم

يوم ٌ آخر من التفكير ِ والخبل

تدّثر َ الحُبُّ بجناحيه دونما اهتمام

وقف َ كره ٌ أسود ٌ على شفا الجرف ِ و رمى حجرا ً

منه ُ نما المساء ُ كنبات ٍ برِّي ٍ

بخناجر ٍ لأوراقه ِ و قلوب ٍ قرمزية ٍ لأزهاره

و من ثم َّ السرير ، فقد نهض َ كساعة ٍ من الأرض ِ

يفرش ُ ملاءاته على الرمال المتحركة .

.

َنفسٌ خريفي ٌ لصباحيات ٍ بعيدة ٍ من هنا

نجم ٌ تحجَّب َ بضباب ٍ رمادي ٍّ

رجل ٌ حي ّ :

كان كسر ُ الأملود ِ* بلاغه ُ الوحيد . تغيّر َ الرجلان ، اللذان ربطا قاربهما بغصن ٍ نما فوق َ حافّة ِ الماء و تحرّكا الآن بين النبات ِ المَدَاري الوافر ِ ، بشكل ٍ حاد .

.

رفع َ ناظريه ِ و رأى نبع َ النهر

رأى بين َ أرجلِهِم الشمس َ الملتهبة

و بين َ الأوراق أبنية .

سمع َ ،خلف َ رؤوسِهم الكبيرة ِ كالكرة ِ الأرضية، أصواتَهم

غامضة ً كالمطر

باهتة ً كِريَش ٍ تسقط

ثم َّ هوى .

أبحر َ المركب ُ

كانت ِ الصواري مصنوعة ً من القشِّ

و الأشرعة َ من أجود ِ الخيوط ِ الحريرية ..

دَفقَ مقدَّم ُ المركب ِ ، عبر َ فتحات ٍ على أحد الجانبين ، نهرا ً لانهائيا ً

من الماء ِ واللهب

رأى فيه المسافرون أشياء َ لافتة ً للنظر :

أخرج َ المشعوذ ُ – قيل َ لنا – من حقيبته خيطا ً حريريا ً و قذفه ُ عاليا ً إلى أن التصق َ سريعا ً بغيمة ٍ معيّنة ٍ من الهواء. سحب َ ، من الوعاء ِ ذاتِه ِ ، أرنبا ً وحشيّة ً هربت عاليا ً على الخيط ؛ كلب َ صيد ٍ صغير ، و الذي حالما انزلق َ أمام َ الأرنب ِ ط

ضحكت لرؤيتِهم يُحدِّقون َ بها

صفّقّت ْ ثم َّ اختفّت ْ في هواء ٍ نحيف ٍ

لتظهر َ مُجددا ً على الضفة ِ الأخرى

في حركة ِ سير ِ الموانئ المتواصلة..

صورتها الظليلة ُ على السماء ِ الغبراء

و خيالها يسقط على الحجارة ِ الجائعة

حيث ُ يجلس ُ القبطان ُ مرتديا ً أسمالا ً بالية ً مُلطخة ً بالوحل..

حطم َ القبطان التمثال َ الهش َّ

أكل َ رأسها السُّكري

ثم َّ اجتمع َ الشهود ُ حولَهم

و أشاروا إلى الصدع ِ في قدميه :

غيوم ٌ من الدُّخان ِ الأزرق ِ، ممزوجة ٌ أحيانا ً بالأسود ، و كان َ للدخان ِ كثافة ٌ كافية ٌ لإزعاج ِ السائق ِ الذي يلحق ُ بالعربة أو لإزعاج ِ السُّواح ِ الرّحالة .

همس ُ ألسنة ِ اللهب ِ اللا مرئيةِ

طعم ٌ حاد ٌّ في الفم .

____________

• الأملود : الغصيّن ُ الطري .

*

ترجمة : ربيع درغام

زر الذهاب إلى الأعلى