-1-
ما بكِ، قولي يا ربة شعر سنواتي الأربعين
-حنين للحرب، للبحر وللمدرسة.
-2-
ربة شعري، رأيتك بين نورين،
مُداسة، مُهشمة، جريحة.
تعرجين، خارج حدود الموت،
إلى الحقل الوحيد، إلى العالم المتفرد.
-3-
كان رجلاًن كان أنثى، أكان لحظة ؟
أهي تهذي، محلولة،
خارجة من ذاتها، دامية، أحشاء الأرض ؟
هل استطاعت
أن تنتزع من الزمن حبة واحدة
لولادة الظلال المنحرفة هذه ؟
-4-
رصاصة ومتران من الأرض فقط
ـ قالوا لهم.
والحقلُ
بدلاً من القمح أنبتت صلباناً.
-5-
الجندي في الثلج ظن أنه نخلة
وأن ذراعيه مفعمتان بالتمر.
-6-
وفارس الصحراء ذاك يمضي
مترنماً بين ظلال صنوبر متجمدة.
-7-
ماذا يعني طفل في الثلج ؟ ماذا يعني طفل ،
يبكي، وحيداً، ويبحث عن قريته ؟
-8-
يرقد الجندي . انبرى
كلب ينبح عليه هائجاً.
-9-
يرقد الجندي .أتى
جدول ليسأل عنه.
-10-
يرقد الجندي . تنزل الغابة
لتبكي عليه كل صباح.
-11-
يرقد الجندي .أتى
طفل مع الهواء ليحدثه عن ضيعته.
-12-
يرقد الجندي.
لا أحد
استطاع معرفة اسمه. فكتبوا عليه:
ابن القرية الساقطة في وَهْدة.
-13-
توقفي هنا أيتها الندف المتطايرة، توقفي أيتها الرياح.
هل ثمة من هو قادر على تذكري ؟
-14-
لقد كنت جندياً، كنت عظاماً
لتجسيد الوطن.
-15-
ليس لي وطن.يمكنك
زرع عظامي إلى جانب أي نهر.
-16-
كم هو محزن غناء المرء وهو يعض شفتيه،
واضعاً وسادة على الكلمات،
وحزاماً على نبضات اللسان الحرة،
ومنخلاً على دويّ الدم.
*
ترجمة : صالح علماني وعاصم الباشا
من كتاب ( رفائيل البرتي، مختارات شعرية ) من ترجمة صالح علماني وعاصم الباشا، دار الفارابي، بيروت ـ 1981