أنا لست نادمة
أنا أفكر بهذا الاستسلام
هذا الاستسلام المعفّر بالألم
أني قَبَّلتُ صليب قدري
على مرتفع تلال مقتلي.
في شوارع الليل الباردة
الأزواج دائماً يهجرون بعضهم مترددين
في شوارع الليل الباردة
لا صوت سوى: الوداع…الوداع…
أنا لست نادمة
كأنما قلبي يجري في تلك الجهة من الزمن
الحياة ستكرر قلبي
وزهرة القاصد التي تجري على بحيرات الريح
هي التي ستكررني.
آه، هل ترى
كيف يتمزق جلدي؟
وكيف حليب نهدي الباردين
يتجمّد في عروقي المزرقة؟
والدم كيف يبدأ نموّه الغضروفي
في معصمي الصبور؟
أنك، أنا، أنت
والذي أحبه.
وكنتَ الذي يجد فجأة في داخله مرة أخرى
اتصالاً أبكم
مع آلاف الأشياء المحملة بغرابة مجهولة
وكل شهوة الأرض الحادة
التي تمتص كل المياه في داخلها
لتحبل كل السهول
اسمعْ
إلى صوتي بعيد المدى
في ضباب التهجّد الكثيف
للقائمين في السَحَرْ
وأبصرْني في صمت المرايا
كيف ألمس بما تبقى من يدي،
مرة أخرى، العمقَ المظلمَ لكل الأحلام
وأَوشمُ قلبي كالبقع الدامية
على سعادات الوجود البريئة.
أنا لست نادمة
مني أنا، يا حبيبي، تكلّمْ مع الأنا الأخرى
التي ستجدها أنت مرة أخرى بهاتين العينين العاشقتين
في شوارع الليل الباردة.
واذكرني في قبلتها الحزينة.
على الغضون التي تحت عينيك الرحيمتين.
*
ترجمة: ناطق عزيز – أحمد عبد الحسين
مخـتارات من كتاب: (عمدني بنبيذ الأمواج)
الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000