فروغ فرخزاد – في شوارع الليل الباردة

أنا لست نادمة‏

أنا أفكر بهذا الاستسلام‏

هذا الاستسلام المعفّر بالألم‏

أني قَبَّلتُ صليب قدري‏

على مرتفع تلال مقتلي.‏

في شوارع الليل الباردة‏

الأزواج دائماً يهجرون بعضهم مترددين‏

في شوارع الليل الباردة‏

لا صوت سوى: الوداع…الوداع…‏

أنا لست نادمة‏

كأنما قلبي يجري في تلك الجهة من الزمن‏

الحياة ستكرر قلبي‏

وزهرة القاصد التي تجري على بحيرات الريح‏

هي التي ستكررني.‏

آه، هل ترى‏

كيف يتمزق جلدي؟‏

وكيف حليب نهدي الباردين‏

يتجمّد في عروقي المزرقة؟‏

والدم كيف يبدأ نموّه الغضروفي‏

في معصمي الصبور؟‏

أنك، أنا، أنت‏

والذي أحبه.‏

وكنتَ الذي يجد فجأة في داخله مرة أخرى‏

اتصالاً أبكم‏

مع آلاف الأشياء المحملة بغرابة مجهولة‏

وكل شهوة الأرض الحادة‏

التي تمتص كل المياه في داخلها‏

لتحبل كل السهول‏

اسمعْ‏

إلى صوتي بعيد المدى‏

في ضباب التهجّد الكثيف‏

للقائمين في السَحَرْ‏

وأبصرْني في صمت المرايا‏

كيف ألمس بما تبقى من يدي،‏

مرة أخرى، العمقَ المظلمَ لكل الأحلام‏

وأَوشمُ قلبي كالبقع الدامية‏

على سعادات الوجود البريئة.‏

أنا لست نادمة‏

مني أنا، يا حبيبي، تكلّمْ مع الأنا الأخرى‏

التي ستجدها أنت مرة أخرى بهاتين العينين العاشقتين‏

في شوارع الليل الباردة.‏

واذكرني في قبلتها الحزينة.‏

على الغضون التي تحت عينيك الرحيمتين.‏

*

ترجمة: ناطق عزيز – أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: (عمدني بنبيذ الأمواج)

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى