قصيدتان
السنة الثالثة 1962
كانت أفكاري متضاربة،
صعب جداً أن أصفها بسبب اليأس
لساني ثقيل في فمي
ولا يسعفني بالكلام.
أردت أن أكبر سريعاً،
وأطور قدرتي على نطق الألفاظ
وأطرح الأسئلة التي تعصف بي
لأبلغ شاطئ الأمان.
أعطِيتُ بعض الأشياء
أخ يلعب معي.
فقدتُ بعض الأشياء
أب يأمرني بالانصراف.
وفي فقدان ذاكرتي
احتميت بثقب أسود
حيث رأيت كل الأشياء صغيرة
مطبوعة، لا أتذكر أكثر من ذلك.
رأس أمي في الفرن
ماتت
وأنا مت من داخلي
كنت علبة صفيح فارغة
أرتطم في اللاشيء.
أمي
إنهم يقتلونها مرة أخرى.
هي قالت إنها فعلت ذلك
مرة كل عشر سنوات،
لكنهم يفعلون ذلك سنوياً، أو أسبوعياً،
حتى بعضهم يفعل ذلك يومياً،
يحملون موتها فوق رؤوسهم
يتدربون عليه.
لأنها تنقذهم من معاناتهم
حيث يمكنهم أن يموتوا من خلالها
دون اتخاذ القرار.
أمي دفنت
وهم يكررون عروض الحفر.
صنعوا فيلماً عنها
لكل شخص يفتقد القدرة
على تصوّر رأسه في الفرن،
وأطفاله يتامى.
باستطاعتهم أن يديروه
ليشاهدوها تموت
مرة أخرى.
يتسلّون بالفول السوداني،
في مأتم أمي، ويعودون إلى بيوتهم،
يحملونها في ذاكرتهم،
جثة- هدية تذكارية
وربما يشترون الفيديو.
مشاهدة شخص في التلفزيون
تعني أن كل ما عليهم القيام به
هو الضغط على «إيقاف»
إذا كانوا يريدون تشغيل الغلّاية،
بينما أمي تحبس أنفاسها على الشاشة
لتكمل موتها بعد الشاي.
صنّاع السينما يعيدون تركيب
أجزاء جسمها،
ويريدونني أن أرى.
يزيّنونها ليغطوا آثار التشريح
يرقّعون أعضاءها الناقصة
إنهم يعيدون تصنيع أمي
يستخدمون أشعارها
خيوطاً لرتق الجراح
ليكتسبوا مصداقية.
يعتقدون أنني يجب أن أحب ذلك –
يعتقدون أنهم يعيدونها للحياة مرة ثانية
وأنني يجب أن أعطيهم كلمات أمي
ليملأوا أفواههم المتوحشة
سيلفيا التي صنعوا منها دمية انتحار،
تمشي وتتكلم
وتموت بإرادتهم،
تموت، وتموت
وتظل تموت إلى الأبد.
ترجمة : الشاعر المصري عماد أبو صالح