في ليالي الشتاء يرى
الموتى صورهم تنزلق من
جيوب المحَافظ،
رسائلهم مضبوبة في صندوق
مع ثيابهم احتراماً للذكرى.
لا أحد يتذكّر نكتهم،
عاداتهم السيئة، رهابهم
من الأماكن المغلقة.
في تلك الكوابيس يشعر الموتى
بالممحاة الناعمة وهي
تمحو عظامهم. يستيقظون
مذعورين، يشربون كوب حليب
ويرون القمر، والثلج الهاطل حديثاً،
والأشجار العارية.
ربّما يحضّرون سندويشاً من الديك الرومي،
أو يشاهدون الإعلانات على التلفزيون.
كلّه حلم بأيّة حال.
بعد بضعة أشهر
سيقدّمون الساعات،
وحين ينامون سيعرفون أن الأحياء
يحزنون عليهم، وحيدين وغير
مبالين للجمال. في تلك الليالي
يشعر الموتى أنهم أفضل.
ينهضون صباحاً، منتعشين،
وحين تُلقى الورود
المقطوعة قرب أسمائهم
يبتسمون كالعرائس الخجلات.
شكراً لكم،
شكراً لكم، يقولون.
لم يكن عليكم ذلك،
يقولون، لكن بنعومة فائقة، حتى يبدو
كما لو أنها الريح تتكلّم،
كما لو لا شيء بشريّ.