لويس أراغون – سانتا اسبنيا

إني لأتذكر نغمة تعودنا سماعها في اسبانيا

جعلت قلبي يزداد خفقانه، ونحن كنا نعرف

دائماً عندما اضطرم دمنا مرة أخرى

لماذا كانت السماء الزرقاء من فوقنا زرقاء

.

إني لأتذكر نغمة مثل صوت البحر العاري

مثل صيحة الطيور المهاجرة، نغمة خلّفت

في الصمت، بعد الألحان، تنهدة مكتومة

ثأر البحار المالحة من قاهريها

.

إني لأتذكر نغمة سمعت صفيرها في الليل

في زمن لم يعرف الشمس، عصر بلا فارس أفّاق

عندما كان الأطفال يبكون من القنابل، وفي المقابر

كان الشرفاء من الناس يحلمون بنهاية الطغاة

.

حملت في اسمها العوسجات المقدسة التي خدشت

جبين اله عندما علق على أعواد المشانق

الأغنية التي سمعت من خلال الهواء وشعر بها اللحم

فتحت الجرح في جنبه وأحيت حسراته

.

لم يجرأ أحد على الغناء للهواء الذي كان يترنمون به

كانت جميع الكلمات ممنوعة والآن أعرف

أن الكون دمره مرض خبيث عنيد

لقد كان أملك وشهرك ذا أيام الآحاد. آه

.

عبثاً أقتفي أثر ترنيمتها الهادرة

لكن دموع الأرض، الآن، دموع أوبرا

ذكرى أمواهها الموشوشة المفقودة

نداء الغدير على غدير، وفي هذه السنوات الصماء

.

أيتها الأشواك المقدسة، الأشواك المقدسة، ابدئي ثانية

فلقد تعودنا أن نقف عندما كنا نسمعك منذ بعيد

والآن لم يبق أحد ليجدد السلالة

الغابات صامتة، المغنون ميتون في اسبانيا

.

أود لو أصدق أن الموسيقى لا تزال

في قلب هذه المدينة، ولو مخبوءة تحت الأرض

سوف ينطق الأخرس والمشلولون

سوف يسيرون في يوم بديع إلى صوت القبِلة المنتصر

.

إن تاج الدم، رمز القلق والأسى

سوف يسقط من جبين ابن الانسان في هذه الساعة

وسوف يغني الانسان في صوت مرتفع في هذا الغد الحلو

لجمال الحياة وشجرة الزعرور المزهرة

*

ترجمة: عبد الوهاب البياتي وأحمد مرسي

عن كتاب: أراغون شاعر المقاومة- الطبعة الثانية 1994

المؤسسة العربية للدراسات والنشر

زر الذهاب إلى الأعلى