محمد سالم _ مسودتان لنص لن يكتب

أريد أن أكتب سيرتى الذاتية غير أن الأمر ليس بهذه البساطة خاصة حين تبحث عن سبب واحد لبقائك كل هذه السنوات رغم أنك أعزل، لن أشبه الحياة بغابة، الغابات عرفناها عن طريق الكتب، أو أثناء مشاهدتنا لبرنامج عالم الحيوان وليس عدلاً أن نعقد مقارنة بين شيئين واحد منهما مجهولٌ لنا تماماً، ليس عدلا؟!، تبحث عن العدل؟، إذن قل الجحيم، شبه الحياة، بالجحيم، واسرد، عليك أن تعصر ذاكرتك، وتكتب أحداث أيامك، فقط لا تفعل غير هذا، ثم سمِ الكتاب، سمه، سمهِ، دعه بلا عنوان، لأن رامبو، رامبو ذلك الساحر، سبقك إليه، حين كتب (فصلٌ فى الجحيم).
لا لا
هذه محاولة سيئة جداً
.
مسودة أخرى
أريد أن أكتب سيرتى الذاتية
المشكلة أننى لا أستطيع أن أجد شيئاً هاما فى حياتى
حياتى الطويلة كلها كانت بلا أهمية
لدرجة أننى أضحك كثيراً كلما تذكرتها
وكلما تذكرت ذلك الرجل الذى دفعنى بعيداً عن إطارات سيارة
أعرف انه رجل تافهٌ
ووحيدٌ أيضاً
أجل
أنا رجل تافه جداً
وبلا أية فائدة
حتى أن أحداً لم يفكر أن يطوقنى بحزام ناسف
كى تتخلص الحياة من تافهين آخرين
أى شئ فى حياتى السخيفة هذه يستحق أن يكتب
هل أكتب عن المتسول الوحيد الذى منحته نقوداً
عرفت بعدها أنه اشترى بها طعاماً لأطفاله وامرأته
كانت وجبةً شهية جداً
ربما لم يروها ـ صدفة حتىـ طيلة حياتهم
شئ رائعٌ، أليس كذلك؟
إنه حقاً شئٌ رائعٌ لو أنه لم يشترِ مع الطعام (سماً) ليخلصهم
ماذا لو أن يداً سوداء اغتالتنى الآن
هل سينقسم العالم وتكون حرباً؟!
بالتأكيد لن يحدث
تصورى
بعدما مزقت ورقاً أبيض كثيراً
وقررت أن أكف عن هذه اللعبة التافهة
تذكرتك
فكتبت عن عينىّ اللتين أغمضتهما حينما رأيتك
هل تعرفين لم أغمضت عينىّ حينما رأيتك
كنت دائماً أحلم أن نهراً من النور يجرى داخلى
فلما رأيتك
تيقنت أن فيضاناً يحدث الآن
وأن عينىّ خانتا
وأخرجتا النور
فأغمضتهما كى لا يجف داخلى.
ولأحتفظ ولو بقليل منكِ
أعتقد أنه أصبح ضرورياً الآن
أن أكتب سيرتى الذاتية كرجل صانع للتاريخ والحياة
ما رأيك لو سميتها
(سيرة رجل أحبك)؟
هذه أيضاً محاولة سيئة جداً
على إذن أن أكف عن العبث
وأن أعترف عن اقتناع
إنها حياة تافهة جداً
وإنه أسهل كثيراً من كتابة سيرة ذاتية لها
أن أتخلص منها.
.
كيف أتخلص منها؟!
ربما أفعل كما يفعلون فى الأفلام
أتركها فى قطار، جنب راكب طيب، ونائم
قبلها سأمسح كل بصمة لى
لأمحو كل أثر يدلهم علىّ
قبل سنوات وضعتها فى كيس أسود
وتعمدت نسيانها فى الباص
سائق الباص سلمها لقسم شرطة قريب
يقولون إن أحد العساكر تعرف عليها
عندما استدعونى لآخذها حاولت أن أقنع السائق أن يأخذ نصيبه منها
تبسم بخبثٍ، ثم قال (أستغفر الله)
الذين لا يكفون عن مد أيديهم لتأخذ نصيبها من الرشوة
تحولوا فجأة إلى شرفاء، عندما حاولت أن أقسمها بينهم
هذه المرة سأخفى معالمها وحينما يضبطون الراكب الطيب متلبساً بها
سأدعو أن يكون طماعاً وأن يقول (أجل، هى لى)
أشتاق أن أرى وجهه عندما يفتح الحقيبة ويكتشف ما بها
مرةً، قذفت بها كاملة داخل امرأة
بعد تسعة أشهر بالكمال والتمام، وبينما أتقلب فى الفراش شعرت بشئ طرىّ
وحينما دققت النظر
وجدتها ملفوفة ببطانية مزخرفة، تبتسم وعينها تقول
(أيها الأحمق لن تفر منى)
عندى خطةٌ
سوف أدعو أصدقائى لوليمة
وأطبخها لهم
أولئك اللئام بدلاً من أن يمضغوا سيرتى كل ليلة
سأضعها لهم فى صحون
ثم أرشها بالفلفل
وأغرس فى كل قطعة شريحةً من الطماطم
كلوا أيها الطيبون
كلوا
كلوا
يالها من خطة ،
كم أنا بشوق لأراهم وهم يلفظون أنفاسهم
بينما أتخلص منها قطعة قطعةً.
قد أستبدل هذه الخطة بخطة أخرى
وأضعها فى علب مخصصة للهدايا
وأبعثها لهم
وبينما أجلس فى مقهى قريب
وأضع المبسم بين شفتىّ
أسمع صوت انفجاراتها
فأضحك و أموت من الضحك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى