من أنت يا طيفًا يجيء إليّ
عبر جوانح الظُّلَم
متسلقًا أسوار صمتى..
يستلُّنى من غِمد صومعتي
ويُركبنى بُراق الرحلة الكبرى؟
من أنت يا طمْث الحضور ونطفة التكوين؟
ها أنت تفتح فى دمائى قمقم التبيين
ها أنت تطعمنى الإباء
وكعكة الإصرار
وتبثّنى بردية الأسرار
ها أنت تطلق فى شراييني
خيل الجموح عوالك اللّجُم
من أنت يا طيفا يجيء إليّ
عبر جوانح الظلم
أوقفتنى فى أول الصف
وملأتنى بالنور
من بعد ما ضمَّختنى بالورد والكافور
وأخذت من كَمّى لكيفي
أوقفتنى فى العروة الوثقى
وجعلتَ لى جبل المدى مَرْقَى
أوقفتنى فى ساحة الإفضاء
وأريتنى السر المخبأ
أسريت بي
حتى رأيت المنتهى والمنشأ
وفتحت لى سِفْر الرموز ومعجم الدهشة
وهمست فى أذنى: انطلق
واصدع
ونبّئ
نبئ بما يُفضى إليك فأنت..
مَن ليراعه بشئوننا نُفضي
واصعد جبال البوح حين تعود للأرض
إن قيل:
مسكين
فإن المجد لا يُشرى
أو قيل:
مجنون
فنحن بحال من نختاره أدرى
طوبى لعبد ينشر الخيرا
ويموت مصلوبًا على حبل من الرفض
طوبى لمن لم تثنه (حمّالة الحطب)
وإذا تصدى للغواية
يغتلى لهبًا يصب النار فى كفَّيْ (أبى لهب)
طوبى لمن لم يعرف الراحه
طوبى لمن لم يلقِ – رغم الغبن – ألواحه
طوبى لمن لم يحن هام الحرف والقلم
من أنت يا طيفًا يجيء إليَّ..
عبر جوانح الظلم؟
أوقفتنى والليل والأحلام والجمرا
ومنحتنا صك الولاية بعد ما..
أوصيتنا عشرا:
لا تقربوا شجر الخيانة
لا تخذلوا سيف الأمانة
لا تركبوا للغىّ فُلكا
لا تجعلوا للخوف سلطانا..
عليكم -يا أحبائي- وملكا
لا تقطعوا الأيام نوما
لا تذعنوا لمشيئة الأهواء يوما
لا تكتموا رأيًا وأنتم ألسُن الأمَّه
لا تحسبوا الإغضاء حكمه
لا تحجموا رغبًا ولا رهبا
لا تهربوا إمَّا سواكم آثر الهربا
179 دقيقة واحدة