محمد مركاح ـ مايقلقني حقا

أشخاص:
بلدان:

مايقلقني حقا ،
أين سأدفن بعد موتي؟
سؤال مهم
أهم من كل ما طرحه
الدين ، والفلسفة ، واﻷدب
بل أهم من الموت نفسه
فلا يعقل أن اتشرد في العدم أيضا

في بداية تخلقي كنطفة
داخل خصية يتيمة
كنت أود اﻷطمئنان على مصيري
في هذا العالم
لم يهدهدني أحد
أو يلفني بقماط
يجمع انبعاج شكوكي
والشيء اﻷكثر ترويعا
وجدت نفسي مقذوفا
هكذا دون أم
لتحبل بي عين
تتسكع دموعها
في التشققات العميقة
لخد في وجه ممتقع

من يومها
وأنا لا أبكي للشيء الذي حدث
صرت أبكي لﻷشياء التي لم تحدث
مثلما لم يكن متوقعا وجودي على هذه الحياة
كذلك لن يتوقع أحدا موتي
ولا المكان الذي سأدفن فيه

جميعها خيارات تروج ﻷستقرار كاذب
فمجرد خروجك للحياة
حتى ولو كفكرة يتجادل حولها عاشقان
هو بمثابة قمع لحقك في اللاحضور

نحضر هكذا
دون سابق إنذار
وبكدمات على الرأس
من شدة ارتطامنا
بأرض تمارس قسوتها
على جمجمة مقفلة على أشياء لا تقال
لو قلتها سينحل خصر الكلام
وقتها لن تنفعكم الحقيقة
والمحاولات الفاشلة لتبرير وجودكم
فصمتي يجنبكم تحمل أعباء عطسة
قد تفجر كل الشرايين البارزة
في عنق يمتد
تطلعا لمعنى مفقود

سقوط قطعة لحمة وهي ترتجف
على صدغي اﻷيمن
لا يعني تدخل الله
وإرساله وجبات سريعة
تلطف القرص المستمر لمعدتي الخاوية
لطم اللحمة لوجهي بقوة
يعكس مدى اﻷنفجار في مدينة بعيدة تسكنها نادلة
تعمل في حانة تمتلكها عجوزة متقاعدة
ماتت النادلة في تفجير إرهابي
تطايرت أعضائها
حصلت على قطعة من لحمها
مضغتها بندم
وشبعت مرارة
هي إمرأة تعيسة
لن يكفي جسدها
لرجل جائع
يحقد على البكتيريا
واﻷميبيا
والكائنات المقترحة ،
والمجهضة والمبتلعة
يكره التكاثر
والتمدد ،
والتفلطح والتضخم
لايبحث عن أدوارا مهمة
ولا محورية ،
ولا رئيسية
هو شاعر
يزعج المدينة ، والحضارة ، والثقافة ، والشعر ذاته مثل ألن غينسبرغ
ينام على يد مخدرة من تجهم الرصيف
وشعور بالتجاهل
يخفف من غباش مصيره بعد الموت

فالموت تجربة شخصية
تخوضها وحدك
ولا تعني أحدا سواك
سينساك الكل
وقد يتذكرون ملامحك اللزجة
وروحك اللينة تغادر جسدك الرطب
ليتحدثون بعد ذلك
عن ارتخاء عضلات وجهك وأنت تنسحب صوب الغياب

لاتحزن
وأنت تجلس ساهما
تفكر في مصيرك
في لعنتك
في جفاف حلقك
بعد ادراكك النهاية المفزعة
بالموت دون تبرير من أحد
ارتدي بدلة بربطة عنق
وسروالا داخلي أبيض اللون
أجلس في مكان معزول
وضع يدك اليسرى تحت ذقنك
وانتظر ما يؤكد عدم الرغبة في وجودك
حيا ، وثقيلا بأسئلتك
التي تثقب اﻷرض هي واحتجاجات الموتى
المطالبة بوقف وباء الجدري
الناهش ﻷجسادهم المسترخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى