أكثر، أو أكثر
نحنُ أكثر طفولةً، أو أكثر هرماً، من أن نعرف صلواتنا.في الأعلى كل شيءٍ أزرق. بعد الليل ستجيء النجمة.
أحياناً يكون الألم شبيهاً بحصاة ٍنحلم بأن نقذفها بعيداً بضربة مقلاع.
هذا العالم الواسع إلى حدِّ الرهبة، يعرف هزارٌ أن يملأه بغنائه.
هكذا يفكر الطفل، و الشيخ ذو القلب الطفل.
يخطو خارج نفسه خطوةً، ويقيس هذا الموضع الذي أصبح ملعباً شاسعاً للطفولة.
هكذا يتراجع آخر رفضٍ للطبيعة، من أن تموت في العدم،حتى تلد في الحيِّ وحدِه.
النار الهادئة
لا سادة للحبِّ إلا في هذه النار التي تجعل الأجساد أجساداً إلى هذا الحدِّ بحيث يحرق بعضها البعض.
نكذب إذْ نسمِّي شعلةً كل نظرةٍ لا تصدر عن وجهٍ محترق.
رأيتُ هذا: أرواحاً تلتهب بالهوى المتأجج حتى على الوجه.
رأيت هذا: عشاقاً يجابه أحدهم الآخر، وكل واحد يحمل الآخر حريقاً في ذاته،
لو استدارا لرأيتَ الوجهين ينفصلان، معاً قطعةً فقطعة،
هذه المحرقة هي التي تملأ الحياة بالتَّوق، جاعلةً الموت يشحب تحت نارها الهادئة.
اعتراف
صريحٌ أنا، ولا أحد أكثر كذباً مني،
نقيٌ ولكنني أتعهَّر.
أحبّ وما ينقصني هو الحبّ،
أمنح نفسي لمن أقتُل.
بعد خمس وثلاثين سنة لا أعرف بعدُ إن كنت أحيا،
هل ماضيَّ أو عدمي هو ما يكبر فيَّ، كالدَّمامل؟
أيمكن أن أتوهَّم أنني عشت في حين يكبر فيَّ، وزن النسيان؟
هل أنا في الوقت نفسه، من كنت، أم أن زمني ليس سوى يرقة؟
أيتها العدالة، السيف الباتر،
إلى شرعِك أستسلم
أنتِ وحدكِ من تخطّين في كلّ ما كنته الحدَّ الفاصل.
في كل يومٍ يُذيبني الخزي بأكثر عمقاً من البارحة
هل هو الحدُّ الرهيب القاطع لفضلك هذا الذي يستقيظ فيَّ؟
ليأت اليوم الذي أقدر فيه أن أحب في كراهيتي ألقَ الكيان المقبور فيها بأكمله، حتى أتعرف على نفسي كاملة فيه.
الإثنان
يقيم في بيته إنسانٌ غريب
لا يسمع أحدهما الآخر، لا يتقاطعان مع أنهما، برغم جهل أحدهما بالآخر، يلوِّحان أحدهما للآخر،عبر هذه الشفوف الفاصلة بينهما، ربما لم يفصل بينهما أي شيء غير مرآة لهاثهِ التي هي قصدير، أو ألفي سنة بلا حراك من هذا الموضوع.
هل ستكفي نفخة واحدة أم قرون عشرة، حتى يفهم أنه هو هذا الغريب، دون أن يمتزج به مع ذلك، بل أن يصون المسافة بينهما، مسافة الحلم الذي يهرب فيه، بلا نهايةٍ، من كونه اثنين؟
الشاعر المجنون
كل هذه الايام المكرسة لتكرار موتك،
كا هذه الوقفة الصارمة عند نافذتك،
كل هذه العصور من الذكرى بين هذه الجدران،
كل هذه الموسيقى بين خطواتك في الروح الضيقة،
أيها المسافر بين حاجزين:
سبع خطوات هي كافية لعبور المسافة، حيث بين الولادة والموت يكتمل الإنسان كله.
الآخر
هوذا الطفل جالسٌ وقدماه في الماء، يحاول أن يصنع دوائر في النهر كما يفعل الزمن الذي يمرّ.
تارةً يرى القاع، وطوراً لا يراه، بحسب نزوة الأغصان المتمايلة.
ليس في القاع سوى انعكاسات.
لا أحد يعرف شيئاً عن الضفة المقابلة.
منذ زمن طويل والطفل في سنيِّه الستّ.
البحر بعيد،ولكن الماء يتجه نحوه،
يحس به الطفل يلامس أسفل قدميه مثل دعوة.
لو استطاع الطفل أن يمشي على سطح الأوقيانوس، فأي أبٍ شاسعٍ ينتظره في غور الزمان؟
بيير عمَّانوئيل:شاعر فرنسي ولد في 3مايو 1916 .
الترجمة لـ: كاظم جهاد.