أوه يا قُـبطانُ ! يا قُـبطاني ! لقد انتهتْ رحلتنـا الرّهيبة ،
فقد اجتازتْ سفينتـنا كلَّ عقبـةٍ ، وأُحرزَ الهدفُ الذي ابتغيناه ،
المينـاءُ قريبٌ ، إنني أسمع الأجراسَ ، الناسَ أجمعَ يهلّلون ،
بينما أعيـُنٌ تَـتَـبَّـعُ الرافـدةَ الثّـابتةَ ، تتقدّم السَّفينـة
متجهِّـمةً جريئـةً :
ولكنْ، آه يا قلبُ ، يا قلبُ ، يا قلبُ !
آه القَطـراتُ الحُـمـرُ النّازفـة ،
حيث القبطانُ يضطجع على سطح السَّـفينـة ،
ساقطـاً بارداً وميِّـتاً .
.
آه يا قـبطانُ ! يا قـبطاني ! انهضْ واسمعِ الأجراسَ
انهضْ- لك تُـنَكَّـسُ الرّايةُ- لك يرتعش صوتُ البوق ،
لك باقاتُ الأزهارِ والأكاليلُ الموشّحة ولك تَجَـمهُـرُ
السّواحل ،
إيّـاكَ ينـادون، الحشدُ المُتـرنِّحُ ، أوجهُهم المُتَحمِّسة
تدورُ ؛
هنـا ، يا قبطانُ ! أيّها الأب الغالي !
هذا الذراع تحت رأسك !
إنّه بعضُ حُلمٍ ، ذاك الذي على ظهر السّفينـة ،
سقطتَ بارداً وميِّـتاً .
.
قبطاني لا يُجيبُ ، شفتـاه باهـتتـانِ وساكـنتـانِ ،
أبي لا يُحِـسّ ُ بذراعي ، لا نبضَ فيه ولا حَـولَ ،
رست السَّفينـةُ سالمةً ومُجلجِـلةً ، أُغلقتْ رحلتُهـا وأُكمِلتْ ،
من رحلة رهيبـة أتت السَّفينـةُ المنتصرة مُحرزةً الهدفَ ؛
هلّلـي يا شواطئُ ، دقّـي يا أجـراسُ !
ولكنّي بخطىً كئيـبةٍ
أسير على ظهر السَّفينة حيثُ قُـبطاني يضطجع ،
ساقطاً بارداً وميِّتاً.
*
ترجمة : د. بهجت عباس
( من أوراق عشب )
**