مينا غليغوريس – سرقت التفاحةَ من يد آدم

أشخاص:
بلدان:
farbwanne 1984 مينا غليغوريس - سرقت التفاحةَ من يد آدم
Gotthard Graubner
farbwanne-1984

سرقت التفاحةَ من يد آدم
أريزونا
ثمة على وجه الصحراء بحارٌ عالية
يرفُّ وجهك فوقها.
أريزونا،
أنت الصباحُ المُرّ في حياتي،
بل أكثر برودة كما الليل.
قعدتُ ساكنةً لـ 1863 يوماً
في حضنك الرمليّ
جميلة أنت، يا ماما أريزونا.
هي وهلةٌ لن تطول وأغوص
في وركِكِ وبين فخذيك،
يا هِسيخيا، يا إلهة الصمت الحجرية،
وسوف نكون واحداً
– صمتاً أحمرَ.
■ ■ ■

تفاحة آدم
سرقت التفاحةَ من يد آدمَ
وفررت وأنت تتفادى ضبابةً من الأذرع.
شَعرك مسعورٌ، يفرّ منّيَ كما الزمانُ.
سرقتَ من قلبيَ الرنين.
الصمتُ مسعورٌ، وحتى الهزء من الإله.
أقف هنا بسكون، أغوص في العاصفة.
هل تبقّى لديك بعض من لقيمات، يا سالومي؟
هنا، على الجرف، لا يزال الثلج يتساقط.
■ ■ ■

الحديقة
رأيتُ البارحةَ في المنام الحديقةَ حيث اعتدتُ الوقوع دائماً على الأرض في الطفولة. كان واحداً من المنامات الطويلة بغيضة الغرائبية، كما بدتْ لنا في ما بعد ونحن نغسل وجوهنا.
كانت الحديقة قد هُجرت لأمد طويل، كما ردهات المشافي عند الفجر. ربما لم يعْدُ الأمرُ أن الزمن قد مرَّ ببطء شديد، حتى إني لا أستطيع انتقاء المفردات الدقيقة. على حين غرة يطير طائرٌ على علوٍ منخفض، آتياً من قمة شجرة المشمش، التي لاحتْ أكثر وفرةً مما كانت عليه في السنوات السابقة، قبل أن يعيث بها العمرُ ويجففها. كان الطائرُ غراباً، أظن ذلك، إذ طار بسرعة خاطفة. أخيراً، أُضيئتِ الحديقة، تاركة للّون أن يغمرها، وخَطا طفلٌ تحت الشجرة. بدا شبيهاً بأختي، لكنه كان أصغر منها، وفي واقع الأمر لم أعد متأكدة. كان يبتسم، لا بل كان يطفح بالسعادة. وقف عند منحدر فناء الدار، ساكتاً، يهزّ ذراعيه ببطء.
بدأ المشمش بالهطول من السماء ككراتِ المَدافع- بلطف ونعومة. كبُرَ الطفل، كمن أُرغمَ على الكبر، وأصبح رجلاً. أكنتُ أنا المعنية بقوله: “هلِ الانتظار سكوتٌ عن الأمر وتثبيت له”؟ ثم اختفى.
كانت كراتُ المدافع مستمرة بالهطول عندما كنتُ أفركُ عينيَّ الغائمتين.
■ ■ ■

نسيان
هي فكرة تبدو دائماً صائبة
أن يهز المرء كتفيه بلا مبالاة.
الشاحنات تومض، النهارات تأفل.
أنتِ ضاجعتِه، يا للعار، ثم نهدةُ حسرة.
آلاف حواجب الأعين تعلو في هذه اللحظة؛
هو يستطيع ذلك، أنا لا أزال أستطيع لكن بِزيف.
تطاولتْ شفتاي،
خطوتي محفوفة بالخطر،
ألجُ النسيان.
كانا اثنين ذات ظهيرةٍ في بوغوتا،
سائق عربة الأجرة لم يعرف ما هي بلغراد،
المتسوّل لم يعرف أنه قد أُلبس التهمة.
بخطى قصيرةٍ رشيقة،
وفردةُ بنطاله اليسرى مطوية قليلاً،
جاسَ المكان وأنفه مثبت إلى الأرض
فوق قناةِ صرفٍ لصق الرصيف،
العصا تتحسّس المكان وكأنه في الطريق إلى مكان ما.
فكّرتُ بالاتساع الموحش،
وأدركتُ أن ما سيحطم قلبي
مع مجيء الليل،
الكيس البلاستيكي الممزق المربوط إلى حقيبة ظهر العجوز،
وتشنّج حاجبي سائق عربة الأجرة.
ليس بوسع الشِّعر أن يفعل شيئاً، مع ذلك،
غرقتُ في المقاصف،
والمحادثات الطريفة،
والشوارع الجديدة ذاتها،
والأقلام والمحافظ الفضية،
تبدو فكرة صائبة
أن يهزّ المرء كتفيه بلا مبالاة.
تقعقع مزاليج المراحيض العامة،
وأدرك أن جدي
قد وعى ماهيةَ الخواء
في سلانكامين،
بينما كنا نتناول الغداء على ضفة الدانوب.
■ ■ ■

جنّيٌّ
تتّسعُ ابتسامتي، نقيّةً، في حضرة الغرباء. يتكوّرَ الماضي فيلفّ السطحَ. من الأروقة السحيقةِ أعلمُ حقَّ العلم أنك تهرب بشطارة فائقة بقرنيك اللزجَين.
مِن العمق السحيق، يتغلغلُ كائنٌ ببطء، محنيّاً، متحللاً من التجسّد، وطيئاً ككوكب حيث لا تُضيء الشمس.
الحاضرُ مِزَقٌ ومِن قبّةِ الآتي الزرقاء، يتقطّرُ عليَّ الكرز الفجّ. مضت على انفصالنا سنوات ثلاث، وعشرة آلاف كيلومتر وما لا يُعدُّ من شعر العانة المنتوف. ولا يزال نداء رغباتك يطير إليّ محلِّقاً في السماء المكسيكية.
أنا أُسرِعُ في خطاي وأنت تمتهنُ اللحظةَ كي تُنقِّبَ ببطء في ما أتوقُ إليه. أنا أخفي عنك أنك وليدٌ بين ذراعيَّ، الشفرة وما يلحم.
مرة أخرى تقطّعتْ بي السّبلُ، تمزقت رغبتي إرباً إرباً، أطير إليك عسانا نلتحم، لكن فات الأوان. يتعذّرُ وقفُ الخلْقِ، منفصلان نحن، أدرك ذلك، بكلمة الصبر. تنبجس الحياة على السطح نقيةً، عميَّةً، قاسية، قدسية، عنيدة، ولن أستطيع أن أشرح لك كم تؤلم حلمتان متورمتان لامرأة مرضع.
وحده الحب يمكن أن يخترق متاهتَه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى