إلى آنجيل نافيس
عزيزتي آنجيل:
الرجالُ، يأتونَ باندفاعٍ وقوةٍ، كحباتِ
رمالٍ في عاصفة.
في الآونةِ الأخيرة، لم أكن أنا؛
كنت أعبرُ الأنهار، أجمع السكاكين والمهدئات،
أستخدم لساني للصيد من حلوق الرجال،
فأجد جثثًا ميتة بين أسنانهم.
فتحت قميصي، كشفت عن صدري، شرعت الأبواب
والخزائن والشبابيك، كشفت جلدي وأردافي،
قلتها بصدق كما تعلمت:
هذه أنا، وهذا كل شيء، وهو ليس بالكثير.
أنا قلب وأنفاس وجلد ونزيف.
عاصفة أحيانًا.. وتهويدة أحيانًا أخرى.
يقبلون، يا آنجيل،
يقبلون.
يقولون الكثير، كلمات من فولاذ:
زواج
أطفال
اليوم
الحب
مستعد
أجل
آنجيل، لماذا يرحلون؟
تجاهلوني بقسوة حتى استحال جلدي خشبًا، ولساني ملحًا.
يبقون عليّ، كمجوهرات منسية في درج، حلي في صناديق،
كأس بطولة قديم في قبو.
نامي على الملاءات يا امرأة، فقط ارقدي في هدوء.
سأعود إليك بعد أن تعلني توبتك، بمجرد أن تكرهي نفسك بالقدر الكافي.
(مضحك كيف لا يؤلمك الهجر حين تكون فاعله)
آنجيل، حين غمستُ الألواح الخشبية في الكيروسين
وذهبتُ حاملة الشعلة،
بعدما سُحبت الجثث ودفنت على نحو سليم،
ظننت أن بقاءك سويًا يعني بقاءك صادقًا.
فقط كن صادقًا ولن تُجرح أبدًا، أليس كذلك؟
قالتها فتاة مصنوعة من شظايا لم تخلق للحب.
لكنهم حاولوا، على أيه حال.
حاولوا، وتبين، أني أستطيع،
أستطيع أن أحب بقوة شظية.. شظية تذيب الجلد.
ذات ليلة على الملاءات – الملاءات التي كانت له –
كنا، حرارة رجل آخر وأنا، كومة من التشنجات، خذلان وأنين،
بكيت لأنه رحل، لأنه تركني لهذا الرجل.
مشينا معًا تحت المطر. قال إن بشرتي مثالية كأوراق الأقحوان.
حدثني عن ذلك الجسر. جلعني أضحك،
أضحك – حتى والمدينة ووجهي يأكلهما اللهب.
أرقد فوق ملاءاتي، دائمًا الملاءات، رقع الكتان الملطخة القديمة.
أسطّح نفسي إلى أقصى حد، أسطّح الأرداف والنهدين أتركهم
ينسكبوا للخارج كزبد ذائب.
أصير أرق وأرق وأرق، ألامس حواف الفراش،
أدعو أن أصبح في نحافة ورقة، في هشاشة جسم خفي.. هشاشة من لم يكن أبدًا.
آنجيل، المكان فارغ هنا، فارغ على الدوام.
ليس هناك من يرغب في الحطام، ليس هناك من هو قوي بما يكفي.
أخاف النهر، أخاف أن يبدأ في مناداتي ثانية.
أخاف أن أصحو غدًا لأجد بابي الأمامي يفتح مباشرة على ذلك الجسر.
أخاف الأسماك، أخاف ذيولها التي ستدفعني للقاع.
أخاف القوارب، أخاف محركاتها، وسترات نجاتها.
أخاف الجثث، الفتيات كلهن اللاتي لم يعثر عليهن.
أخاف الرجال، أخاف انجذابهم لللحم،
أخاف أسنانهم الحادة.
.
*ترجمة: ضي رحمي.