لقد بصقوا إزدراءهم المقرور في وجهه
كأنه راية سوداء تخفق في ريح أثارها الثلج
كما يجعلون منه الزنجيّ الفقير رَب الأقوياء
و من أسماله البالية زخارف هيكل
و من وداعته أغنية بؤس
و من نواحه المرتجف في البَنْجوه
الصخب المزهوّ لأرغنّ
و من زنديه اللتين تجرّان القوارب الموقرة
فوق نهر الأردنّ
سلاحاً لأولئك الذين يضربون بالسيف
و من جسده المُضْنى كجسدنا و نحن نزرع القطن
نظير حَجْر
نظير حجر في دَغَل ورد أبيض
و لكي يجعلون منه دِرع ثروتهم الذهبيّ
بيّضوا ببصاق ازدرائهم المقرور وجهه الأسود
*
فيا ربّاه , يا صديقنا و رفيقنا
لقد بصقوا في وَجهكَ الأسود
أنت , يا من أبعدتَ عن وجهكَ الأسود
كما يُبعد سياج من قَصب شعرها المسترسل فوق ينبوع عبراتها
لقد صنعوا
الأغنياء و المرائين و الملاّكين و الممّوليين
صنعوا من الإنسان المُهان الإله المدمّى
*
أوّاه يا يهوذا الهازىء
أوّاه يا يهوذا الهازىء
ألا إن المسيح بين لِصّين ليشبه لَهَباً ممزقاً
في قِمَّة عالَم
اضرم تمرّد العبيد
بيد أن المسيح يقيم اليوم في بيت اللصوص
و إن ساعديه تنشران في المعابد الظلّ
الذي يلقيه نَسْر
و إن الكاهن يحصي في كهوف الأديرة
فوائد الثلاثين درهماً
و إن قباب الأجراس تبصق الموت
على حشود الجياع
*
ألا إننا لن نغفر لهم أبداً
لأنهم يعلمون ما يصنعون
فلقد عاقبوا ظلماً جون الذي نظّم النقابة
بعد أن طاردوه
كما تطارِدُ الكلابُ
عَبْرَ الغابة
ذئباً شرساً
و شنقوه على جذْع جمّيزة عتيقة و هم يضحكون
كلا أيها الاخوة أيها الرفاق
إنّا لن نُصّلي ابداً
فلقد اشتدّ تمرّدنا
كاشتداد صرخة طير في عاصفة
فوق هدير مستنقعات آسنة
إنّا لن نغنّي الأحزان الروحيّة القانطة
فلقد انطلقت أغنية ثانية من حناجرنا
و نشرنا راياتنا
المجبولة بدم حقوقنا
و سنسير على هديها
سنسير على هديها
فيا أيها المعذّبون في الأرض هبّوا
و انهضوا يا مَن أضناكم الجوع
!