قبل أنْ أختفي، كنتُ قوي الخيال
كنتُ أبتكرُ رَجُلاً حالما أستيقظ، وكان ذلك الرجُلُ هو أنا
إثر ذلك يصير كل شيء ممكناً
فالرجل الذي هو أنا يبتكر لنفسه اسماً وأسرةً ووضعية اجتماعية
ثم يشيد منزلا ويتخذ له في المنزل شقة وفي الشقة أثاثاً
ثم بحركة من يده يُوجد لنفسه ثيابا وجوارب
وحذاء ومحفظة جلدية مليئة بالملفات المهمة
بعدها كان الرجل، الذي هو أنا، يتوجه نحو باب الشقة
وعندئذ كنتُ أبتكر أولَ الأصوات المنبعثة من الخارج:
في الطابق السفلي جارٌ يَزجر كلباً والكلب يَهرّ
ويخربش بمخالبه، محاولا أن يخرج
فوق سطح شقتي: لا شيء
لقد أسكنتُ نفسي في الطابق السادس كي أكون قريبا من ضوء النهار
ما دمتُ قد ابتكرتُ سماء صافية في الأعلى
لكنني أصبتُ يوما بالشرود
أو لعلي تعبتُ من الابتكار
وحين فتحتُ باب الشقة كنتُ قد نسيتُ ابتكارَ السلالم
تمددتُ على بطني أمام الباب وطفقتُ أنظر إلى أسفل:
لا شيءً سوى الفراغ !
يالي منْ معتوه ! حتى الشارع نسيتُ أن أبتكره
حتى اسم المدينة، التي كان ينبغي أن يوجد فيها الشارع، لم يخطر لي ببال
حينئذ، شرعَت الدارُ تطفو على الفراغ
بسمائها الهادئة، بالجار وكلبه
كانت وجهتنا مجهولة وكان الفضاء يهدهدنا
مثلما تهدهد الأمواج مركبا في البحر.
-ترجمة: عبدالقادر وساط.